في الصف الأول، أو ما يليه، مع ترك من يليه سدها، ولا يكون ذلك معدوداً من الأذى.
قال المهلب: لا تعارض بين هذا، وبين النهي عن التخطي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس كغيره في أمر الصلاة، ولا غيرها؛ لأنه له أن يتقدم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام، وأطال في تقرير ذلك.
وتعقب بأن هذا ليس من الخصائص، وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك؛ فقال: ليس في ذلك شيء من الأذى، والجفاء الذي يحصل من التخطي، وليس كمن شق الصفوف، والناس جلوس، لما فيه من تخطي رقابهم.
ومنها: كراهية التصفيق في الصلاة.
ومنها: مشروعية الحمد والشكر على الوجاهة في الدين.
ومنها: أن من أكرم بكرامة يتخير بين القبول والترك، إذا فهم أن ذلك الأمر عَلَى غير جهة اللزوم، وكأن القرينة التي بينت لأبي بكر رضي الله عنه ذلك هي كونه -صلى الله عليه وسلم- شق الصفوف إلى أن انتهى إليه، فكأنه فهم من ذلك أن مراده أن يؤم الناس، وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة من باب الإكرام له، والتنويه بقدره، فسلك هو طريق الأدب والتواضع، ورجح ذلك عنده احتمال نزول الوحي في حال الصلاة، لتغيير حكم من أحكامها، وكأنه لأجل هذا لم يتعقب -صلى الله عليه وسلم- اعتذاره بالرد عليه.