المرجوح ليوافق بقية الروايات، فكيف واحتمال المخالفة هو المرجوح، أو الاحتمالان مستويان إن تنزلنا، والواقف على كلام الطحاوي في هذا الموضع يفهم منه التعصب ببادىء الرأي، لأنه ذكر أولًا أن رواية الزهري عن أنس محتملة لأن تكون الشمس قد اصفرت، ثم إنه نَزَّلَ هذا الاحتمال منزلة المجزوم به، وقال: فقد اضطرب حديث أنس، ثم جزم بأن معنى ما روي عن الزهري بخلاف ما رواه غيره، مع قوله أولًا: إنه يحتمل المخالفة فقط.
ثم ذكر الطحاوي حديث أبي الأبيض عن أنس، قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة العصر، والشمس بيضاء مُحَلِّقَةٌ"، وقال: ذلك دليل على أنه قد كان يؤخرها، ثم ذكر أنه رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يصليها، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، قدر ما يسير الراكب فرسخين، أو ثلاثة"، فذكر أنه دليل على التأخير أيضًا، وهذا من أعجب العجب. والله أعلم. انتهى كلام الحافظ العراقي في "طرحه" جـ ٢ ص ١٦٥ - ١٦٧.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ولي الدين رحمه الله كلام نفيس جدًّا في الرد على من يتعصب لمذهب الحنفية في قولهم باستحباب تأَخير العصر، مثل الطحاوي، ومن تبعه كالعيني،
وصاحب العرف الشذي. والله تعالى أعلم.
تنبيه:
الواجب على المسلم العاقل أن يكون ناصرًا للحق، ومتبعًا للدليل،