وفي رواية الليث "فيأتيهم، والشمس مرتفعة حية". انتهى. وحياتها بقاء حرها ولونها، وهذا ينافي أن تكون قد اصفرت.
ثانيها: لو لم ترد هذه اللفظة "وهي حية"، وكان ارتفاعها لا ينافي صفرتها على ما قرره الطحاوي، فذلك لا يحصل مقصوده، لأن المصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة إذا وصل إلى قباء التي هي على ثلاثة أميال، والشمس مرتفعة، فذلك دليل التعجيل، ولو كانت الشمس مصفرة، ولا سيما الرواية فيها العوالي وقتها أنها على أربعة أميال (١)، وفي رواية ستة أميال، ولو لم يعجل بالعصر أول وقتها لما وصل إلى هذه المسافة إلا بعد الغروب.
ثالثها: كيف يجعل حديث أنس مضطربًا مع أن الروايات عنه لم يتحقق اختلافها، وغاية ما ذكره أن رواية الزهري عن أنس تحتمل مخالفة روايةَ الباقين، وقد صرح هو بذلك في قوله: فقد يجوز أن تكون الشمس مرتفعة قد اصفرت، ومع احتمال المخالفة والموافقة لا يكون اضطرابًا، بل الواجب حمل الرواية المحتملة على الروايات المصرّحة، وجَعْلُها على نَسَق واحد، لا اختلاف بينها، ولا تَضَادَّ، وكيف نجيء إلى الرواية التي هي صريحة في المقصود، لا تحتمل التأويل، فنردها بورود رواية أخرى تحتمل أن تخالفها احتمالًا مرجوحًا، بل لو كان احتمال المخالفة راجحًا لكان الواجب الحمل على
(١) هكذا النسخة، ولعل الصواب: وقَدَّروها أنها أربعة أميال.