حيطان المدينة، فاغتسل فيه، وتطهر، وطهر ثيابه، ثم جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد فقال: يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إليَّ من وجهك، ولا دين أبغض إليَّ من دينك، ولا بلد أبغض إليَّ من بلدك، ثم لقد أصبحت، وما وجه أحب إلي من وجهك، ولا دين أحب إلي من دينك، ولا بلد أحب إلي من بلدك، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا رسول الله إني خرجت معتمرًا، وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي، فسيرني صلى الله عليك في عمرتي، فسيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرته، وعلمه، فخرج معتمرًا، فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالوا: صبأ ثمامة، فقال: والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدّقت محمدًا وآمنت به، والذي نفس ثمامة بيده لا يأتيكم حبة من اليمامة، وكانت ريف أهل مكة- حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وانصرف إلى بلده، ومنع الحمل إلى مكة، فجهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام، ففعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما ظهر مسيلمة، وقوي أمره أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فُرَات بن حَيَّان العجلي إلى ثمام في قتال مسيلمة وقتله. قال محمد بن إسحاق: لما ارتد أهل اليمامة عن الإسلام لم يرتد ثمامة، وثبت على إسلامه هو ومن تبعه من قومه، وكان مقيما باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة، وتصديقه ويقول: إياكم وأمرًا مظلمًا لا نور، فيه وإنه لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاء على من يأخذ به منكم يا بني حنيفة، فلما عصوه واتفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم، ومرّ العلاء بن الحضرمي ومن معه على جانب اليمامة يريدون البحرين، وبها الحطم ومن معه من المرتدين من ربيعة، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين إني والله ما أرى أن أقيم مع هؤلاء وقد أحدثوا،