للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: "مرحبًا": هو منصوب بفعل مضمر: أي صادفت رحبا -بضم الراء-: أي سعة، والرحب بالفتح الشيء الواسع، وَقَدْ يزيدون معها "أهلا": أي وجدت أهلا، فاستَأْنِس، وأفاد العسكري أن أول منْ قَالَ: "مَرْحَبًا": سيف بن ذي يزن، وفيه دليل عَلَى استحباب تأنيس القادم، وَقَدْ تكرر ذلك منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ففي حديث أم هانىء: "مرحبا بأم هانىء"، وفي قصة عكرمة بن أبي جهل: "مرحبا بالراكب المهاجر"، وفي قصة فاطمة: "مرحبا بابنتي"، وكلها صحيحة، وأخرج النسائيّ منْ حديث عاصم بن بشير الحارثي، عن أبيه: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ له -لما دخل، فسلم عليه-: "مرحبا وعليك السلام".

وقوله: "ليس بالخزايا". وفي رواية البخاريّ: "غير خزايا"، قَالَ فِي "الفتح": بنصب "غير" عَلَى الحال، ورُوي بالكسر عَلَى الصفة، والمعروف الأول، قاله النوويّ، ويؤيده رواية البخاريّ فِي "الأدب" منْ طريق أبي التياح، عن أبي جمرة: "مرحبا بالوفد الذين جاءوا، غير خزايا، ولا ندامى".

و"خزايا" جمع خزيان، وهو الذي أصابه خزي، والمعنى: أنهم أسلموا طوعا، منْ غير حرب، أو سبي يخزيهم، ويفضحهم.

قوله: "ولا النادمين" وفي رواية البخاريّ: "ولا ندامى": قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: كأن أصله نادمين، جمع نادم؛ لأن ندامى إنما هو جمع ندمان، أي المنادم فِي اللَّهو، وَقَالَ الشاعر:

فَإِنْ كُنْتَ نَدْمَانِي فَبِالَاكْبَرِ اسْقِنِي

لكنه هنا خرج عَلَى الإتباع، كما قالوا: العشايا والغدايا، وغداة جمعها الغدوات، لكنه أُتبع. انتهى. وَقَدْ حكى القزاز، والجوهرى، وغيرهما منْ أهل اللغة: أنه يقال: نادم، وندمان فِي الندامة بمعنًى، فعلى هَذَا فهو على الأصل، ولا أتباع فيه. والله أعلم.

قَالَ ابن أبي جمرة: بشرهم بالخير عاجلا وآجلا؛ لأن الندامة، إنما تكون فِي العاقبة، فإذا انتفت ثبت ضدها، وفيه دليل عَلَى جواز الثناء عَلَى الإنسان فِي وجهه، إذا أُمن عليه الفتنة قوله. ذكره فِي "الفتح" ١/ ١٧٩ "كتاب الإيمان" حديث ٥٣.

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم فِي ٢٥/ ٥٠٣٣ "كتاب الإيمان" -باب "أداء الخمس" ومضى شرحه مستوفًى هناك، وكذا بيان مسائله.

وغرض المصنّف منْ الْحَدِيث أن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما لا يرى جواز شرب النبيذ المتّخذ فِي الأوعية المذكورة، قليلاً كَانَ أو كثيرًا؛ لأنه مسكر، خلاف ما