وَقَالَ القرطبيّ: علامات الساعة عَلَى قسمين: ما يكون منْ نوع المعتاد، أو غيره، والمذكور هنا الأول، وأما الغير: مثل طلوع الشمس منْ مغربها، فتلك مقارنة لها، أو مضايقة، والمراد هنا العلامات السابقة عَلَى ذلك، والله تعالى أعلم. ذكره فِي "الفتح" ١/ ١٦٦.
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا) هو فِي تأويل المصدر خبر لمحذوف: أي هي: أي الأمرات ولادة الأمة ربتها.
قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: الأمة هنا: هي الجارية المستولدة، وربّها سيّدها، وَقَدْ سُمّي بعلاً فِي الرواية الأخرى، كما سمّاه الله تعالى بعلاً فِي قوله تعالى:{أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}[الصّافّات: ١٢٥]، فِي قول ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، وحُكي عنه أنه قَالَ: لم أدر ما البعل؟ حَتَّى قلت لأعرابي: لمن هذه الناقة؟ فَقَالَ: أنا بعلها، وَقَدْ سُمي الزوج بعلاً، وُيجمع علي بُعُولة، كما قَالَ تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨]، {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}[هود: ٧٢]. و"ربّتها": تأنيث ربّ. انتهى "المفهم" ١/ ١٤٨.
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البخاريّ بلفظ:"إذا ولدت الأمة ربها"، بالتذكير، قَالَ فِي "الفتح": وفي "التفسير": "ربتها" بتاء التأنيث، وكذا فِي حديث عمر، ولمحمد ابن بشر مثله، وزاد:"يعني السراري"، وفي رواية عمارة بن القعقاع:"إذا رأيت المرأة تلد ربها"، ونحوه لأبي فَرْوة، وفي رواية عثمان بن غياث:"الإماء أربابهن" بلفظ الجمع، والمراد بالرب: المالك، أو السيد.
وَقَالَ أيضًا:"التعبير بـ"إذا" للإشعار بتحقق الوقوع، ووقعت هذه الجملة بيانا للأشراط نظرًا إلى المعنى، والتقدير: ولادةُ الأمة، وتطاول الرعاة.
[فإن قيل]: الأشراط جمع، وأقله ثلاثة عَلَى الأصح، والمذكور هنا اثنان، أجاب الكرماني بأنه قد تستقرض القلة للكثرة، وبالعكس، أو لأن الفرق بالقلة والكثرة، إنما هو فِي النكرات، لا فِي المعارف، أو لفقد جمع الكثرة للفظ "الشرط".
قَالَ الحافظ: وفي جميع هذه الأجوبة نظر، ولو أُجيب بأن هَذَا دليل القول الصائر إلى أن أقل الجمع اثنان، لَمَا بَعُد عن الصواب، والجواب المرضيّ أن المذكور منْ الأشراط ثلاثة، وإنما بعض الرواة اقتصر عَلَى اثنين منها؛ لأنه هنا -يعنى فِي حديث أبي هريرة عند البخاريّ فِي "الإيمان"، ومثله فِي حديث عمر عند النسائيّ هنا- ذكر الولادة، والتطاول، وفي "التفسير" ذكر الولادة، وتَرَؤُّس الحفاة، وفي رواية محمد بن بشر التي أخرج مسلم إسنادها، وساق ابن خزيمة لفظها، عن أبي حيان، ذكر الثلاثة، وكذا فِي