للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واتّفق جميع منْ ذكرنا عَلَى هَذَا اللفظ، وخالفهم أبو يوسف القاضي، فرواه عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، بلفظ: "الولاء لحمة كلحمة النسب"، أخرجه الشافعيّ، ومن طريقه الحاكم، ثم البيهقي، وأدخل بشر بن الوليد بين أبي يوسف، وبين ابن دينار عبيد الله بن عمر، أخرجه أبو يعلى فِي "مسنده" عنه، وأخرجه ابن حبّان فِي "صحيحه" عن أبي يعلى، وأخرجه أبو نعيم منْ طريق عبد الله بن جعفر بن أعين، عن بشر، فزاد فِي المتن: "لا يباع، ولا يوهب"، ومن طريق عبد الله بن نافع، عن عبد الله بن دينار: "إنما الولاء نسب، لا يصح بيعه، ولا هبته"، والمحفوظ فِي هَذَا ما أخرجه عبد الرزاق، عن الثوري، عن داود ابن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، موقوفا عليه: "الولاء لحمة كلحمة النسب"، وكذا ما أخرجه البزار، والطبراني، منْ طريق سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده، رفعه: "الولاء ليس بمنتقل، ولا متحول"، وفي سنده المغيرة بن جميل، وهو مجهول، نعم عن ابن عباس، منْ قوله: "الولاء لمن أعتق، لا يجوز بيعه، ولا هبته". انتهى "فتح" ١٢/ ٤٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم بيع الولاء:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: ولا يصح بيع الولاء، ولا هبته، ولا أن يأذن لمولاه، فيوالي منْ شاء، روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قَالَ سعيد بن المسيب، وطاوس، وإياس بن معاوية، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابه، وكَرِه جابر بن عبد الله بيع الولاء، قَالَ سعيد: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قَالَ: قَالَ عبد الله: "إنما الولاء كالنسب، أفيبيع الرجل نسبه؟ ". وَقَالَ: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار: أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس، وكان مكاتبا، وروي أن ميمونة وهبت ولاء مواليها للعباس، وولاؤهم اليوم لهم، وأن عروة ابتاع ولاء طهمان، لورثة مصعب بن الزبير. وَقَالَ ابن جريج: قلت لعطاء: أذنتُ لمولاي أن يوالي منْ شاء، فيجوز؟ قَالَ: نعم.

واحتجّ الأولون بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء، وعن وهبته، وَقَالَ: "الولاء لُحْمة كلحمة النسب"، وَقَالَ: "لعن الله منْ تولى غير مواليه"، ولأنه معنى يورث به فلا ينتقل كالقرابة، وفعل هؤلاء شاذ يخالف قول الجمهور، وترده السنة، فلا يعول عليه.

قَالَ: ولا ينتقل الولاء عن المعتق بموته، ولا يرثه ورثته، وإنما يرثون المال به، مع بقائه للمعتق، هَذَا قول الجمهور، ورُوي نحو ذلك عن عمر، وعلي، وزيد، وابن