للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسعود، وأُبيّ بن كعب، وابن عمر، وأبي مسعود البدري، وأسامة بن زيد، وبه قَالَ عطاء، وطاوس، وسالم بن عبد الله، والحسن، وابن سيرين، والشعبيّ، والزهري، والنخعي، وقتادة، وأبو الزناد، وابن نشيط، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وداود، وشذَّ شُرَيح، وَقَالَ: الولاء كالمال يورث عن المعتق، فمن ملك شيئا حياته، فهو لورثته. ورواه حنبل، ومحمد بن الحكم، عن أحمد، وغَلَّطهما أبو بكر، وهو كما قَالَ، فإن رواية الجماعة عن أحمد، مثل قول الجماعة، وذلك لقوله عليه السلام: "الولاء للمعتق"، وقوله: "الولاء لحمة كلحمة النسب"، والنسب لا يورث، وإنما يورث به، ولأنه معنى يورث به، فلا ينتقل كسائر الأسباب. والله تعالى أعلم. انتهى "المغني" ٩/ ٢١٩ - ٢٢٠.

وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى: اتفق الجماعة عَلَى العمل بهذا الْحَدِيث، إلا ما رُوي عن ميمونة رضي الله تعالى عنها أنها وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عطاء: يجوز للسيد أن يأذن لعبده أن يوالي منْ شاء.

وَقَالَ ابن بطال وغيره: جاء عن عثمان جواز بيع الولاء، وكذا عن عروة، وجاء عن ميمونة جواز هبة الولاء، وكذا عن ابن عباس، ولعلهم لم يبلغهم الْحَدِيث.

قَالَ الحافظ: قد أنكر ذلك ابن مسعود فِي زمن عثمان، فأخرج عبد الرزاق عنه: أنه كَانَ يقول: أيبيع أحدكم نسبه، ومن طريق علي: الولاء شعبة منْ النسب. ومن طريق جابر أنه أنكر بيع الولاء وهبته. ومن طريق عطاء أن ابن عمر كَانَ ينكره. ومن طريق عطاء، عن ابن عباس: لا يجوز، وسنده صحيح، ومن ثَمّ فَصّلوا فِي النقل عن ابن عباس بين البيع والهبة.

وَقَالَ ابن العربي معنى: "الولاء لحمة كلحمة النسب": أن الله أخرجه بالحرمة إلى النسب (١) حكما، كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا, لأن العبد كَانَ كالمعدوم فِي حق الأحكام، لا يَقضي ولا يَلي ولا يَشهد، فأخرجه سيده بالحرية إلى وجود هذه الأحكام منْ عدمها، فلما شابه حكم النسب أُنيط بالمعتق، فلذلك جاء: "إنما الولاء لمن أعتق"، وأُلحق برتبة النسب، فنُهِي عن بيعه وهبته. انتهى "الفتح" ١٣/ ٤٥ - ٤٦.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما تقدّم منْ الحجج أن الصواب هو ما عليه


(١) هكذا نسخة "الفتح" التي عندي، والظاهر أن صواب العبارة هكذا: "أن السيد أخرجه بالحرّيّة إلى النسب حكما الخ". والله تعالى أعلم.