للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[سابعها]: أنه يلزم منه ضمان الأعيان مع بقائها، فيما إذا كَانَ اللبن موجودا، والأعيان لا تضمن بالبدلّ، إلا مع فواتها، كالمغصوب.

[والجواب]: أن اللبن، وإن كَانَ موجودا، لكنه تعذر رده؛ لاختلاطه باللبن الحادث بعد العقد، وتعذر تمييزه، فأشبه الآبق، بعد الغصب، فإنه يضمن قيمته مع بقاء عينه؛ لتعذر الرد.

[ثامنها]: أنه يلزم منه إثبات الرد بغير عيب، ولا شرط، أما الشرط فلم يوجد، وأما العيب فنقصان اللبن، لو كَانَ عيبا لثبت به الرد، منْ غير تصرية.

[والجواب]: أن الخيار يثبت بالتدليس، كمن باع رَحًى دائرة، بما جمعه لها بغير علم المشتري، فإذا اطلع عليه المشتري، كَانَ له الرد، وأيضاً فالمشتري لَمّا رأى ضرعا، مملوءا لبنا، ظن أنه عادة لها، فكأنّ البائع شرط له ذلك، فتبين الأمر بخلافه، فثبت له الرد؛ لفقد الشرط المعنوي؛ لأن البائع يُظهر صفة المبيع تارة بقوله، وتارة بفعله، فإذا أظهر المشري عَلَى صفة، فبان الأمر بخلافها، كَانَ قد دلّس عليه، فشرع له الخيار، وهذا هو محض القياس، ومقتضى العدل، فإن المشتري إنما بذل ماله؛ بناء عَلَى الصفة التي أظهرها له البائع، وَقَدْ أثبت الشارع الخيار للركبان، إذا تُلُقُّوا، واشتُرِي منهم قبل أن يَهبِطوا إلى السوق، ويعلموا السعر، وليس هناك عيب، ولا خُلْف فِي شرط، ولكن لما فيه منْ الغش والتدليل.

(ومنهم): منْ قَالَ: الْحَدِيث صحيح، لا اضطراب فيه، ولا علة، ولا نسخ، وإنما هو محمول عَلَى صورة مخصوصة، وهو ما إذا اشترى شاه، بشرط أنها تحلب مثلا خمسة أرطال، وشرط فيها الخيار، فالشرط فاسد، فإن اتفقا عَلَى إسقاطه فِي مدة الخيار، صح العقد، وإن لم يتفقا بطل العقد، ووجب ردّ الصاع منْ التمر؛ لأنه كَانَ قيمة اللبن يومئذ. وتُعُقّب بأن الْحَدِيث ظاهر فِي تعليق الحكم بالتصرية، وما ذكره هَذَا القائل، يقتضى تعليقه بفساد الشرط، سواء وُجدت التصرية، أم لا؟، فهو تأويل مُتعَسَّف، وأيضاً فلفظ الْحَدِيث لفظ عموم، وما ادّعوه عَلَى تقدير تسليمه، فرد منْ أفراد ذلك العموم، فيحتاج منْ ادعى قصر العموم عليه الدليل عَلَى ذلك، ولا وجود له. انتهى ما فِي "الفتح" ٥/ ١٠١ - ١٠٥ بطوله، وهو بحث نفيس جدًّا.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بهذا كلّه أن الحقّ هو ما عليه الجمهور منْ ثبوت الخيار بسبب التصرية، كما نصّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحير بالتقليد الأعمى والاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي اختلاف العلماء فِي ردّ بدل اللبن: