[تنبيه]: قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح مسلم" عند قوله: "لكن البائس سعد ابن خولة" نقلاً عن القاضي عياض: اختلفوا في قصّة سعد بن خولة، فقيل: لم يهاجر من مكة، حتى مات بها، قاله عيسى بن دينار، وغيره. وذكر البخاريّ أنه هاجر، وشهد بدرًا وغيرها، ثم انصرف إلى مكة، ومات بها. وقال ابن هشام: إنه هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدرًا، وغيرها، وتوفّى بمكة في حجة الوداع سنة عشر. وقيل: توفّي بها سنة سبع في الهدنة، خرج مجتازًا من المدينة. فعلى هذا، وعلى قول عيسى ابن دينار سبب بؤسه سقوط هجرته؟ لرجوعه مختارًا، وموته بها. وعلى قول الآخرين سبب بؤسه موته بمكة على أيّ حال كان، وإن لم يكن باختياره؛ لما فاته من الأجر والثواب الكامل بالموت في دار هجرته، والغربة عن وطنه إلى هجرة اللَّه تعالى. انتهى.
وقوله: "ما في أيدهم" بدل من "الناس": أي يطلبون بأكفّهم ما في أيديهم من الأموال. والحديث متَّفَقٌ عليه، كما سبق بيانه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٦٥٦ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ, عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ سَعْدٍ, قَالَ: مَرِضَ سَعْدٌ, فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ , قَالَ: «لَا» … وَسَاقَ الْحَدِيثَ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، وهو ثقة.
وقوله: "حدّثني بعض آل سعد" هكذا أبهمه مِسعر في روايته، وقد تقدّم في الروايتين
السابقتين، أن سفيان سمّاه عامر بن سعد، وناهيك به حفظًا، فلا يضرّ إبهام مِسعر له.
وقوله: "وساق الحديث" الفاعل ضمير مسعر، أي ساق مسعر الحديث كما ساقه سفيان، في الرواية السابقة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٦٥٧ - (أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ, قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ اشْتَكَى بِمَكَّةَ, فَجَاءَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ بَكَى, وَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ, أَمُوتُ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتَ مِنْهَا؟ , قَالَ: «لَا, إِنْ شَاءَ اللَّهُ» , وَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ, أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ , قَالَ: «لَا» , قَالَ: -يَعْنِي- بِثُلُثَيْهِ؟ , قَالَ: «لَا» , قَالَ: فَنِصْفَهُ؟ , قَالَ: «لَا» , قَالَ: فَثُلُثَهُ؟ , قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «الثُّلُثَ, وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ, إِنَّكَ أَنْ