للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بأن سعد بن خولة مات في حجة الوداع، وهو الثابت في الصحيح، خلافًا لمن قال: إنه مات في مدّة الْهُدْنة مع قريش سنة سبع. وجوّز أبو عبد اللَّه بن أبي الخصاب الكاتب المشهور في "حواشيه على البخاريّ" أن المراد بابن عفراء عوف بن الحارث أخو معاذ، ومعوّذ، أولاد عفراء، وهي أمهم، والحكمة في ذكره ما ذكره ابن إسحاق أنه قال يوم بدر: "ما يُضحك الربّ من عبده؟ قال: أن يغمس يده في العدوّ حاسرًا، فألقى الدرع التي هي عليه، فقاتل حتى قتل"، قال: فيحتمل أن يكون لما رأى اشتياق سعد بن أبي وقّاص للموت، وعلم أنه يبقى حتى يلي الولايات، ذكر ابن عفراء، وحبّه للموت، ورغبته في الشهادة كما يذكر الشيء بالشيء، فذكر سعد بن خولة لكونه مات بمكّة، وهي دار هجرته، وذكر ابن عفراء، مستحسنًا لميتته اهـ ملخّصًا. وهو مردود بالتنصيص على قوله: "سعد ابن عفراء"، فانتفى أن يكون المراد عوف، وأيضًا، فليس في شيء من طرق حديث سعد بن أبي وقّاص أنه كان راغبًا في الموت، بل في بعضها عكس ذلك، وهو أنه "بكى، فقال له رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما يُبكيك؟ فقال: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها، كما مات سعد بن خولة"، وهو عند النسائيّ، وأيضًافمخرج الحديث متّحد، والأصل عدم التعدّد، فالاحتمال بعيد أَبُو صرّح بأنه عوف ابن عفراء. واللَّه أعلم. وقال التيميّ: يحتمل أن يكون لأمه اسمان خولة، وعفراء اهـ، ويحتمل أن يكون أحدهما اسمًا، والآخر لقبًا، أو أحدهما اسم أمّه أبيه، أو الآخر اسم جدّة له، والأقرب أن عفراء اسم أمه، والآخر اسم أبيه؛ لاختلافهم في أنه خولة، أو خولي، وقول الزهريّ في روايته "يرثي له الخ"، قال ابن عبد البرّ: زعم أهل الحديث أن قوله: "يرثي الخ" من كلام الزهريّ. وقال ابن الجوزيّ وغيره: هو مدرج من قول الزهريّ. قال الحافظ: وكأنهم استندوا إلى ما وقع في رواية أبي داود الطيالسيّ عن إبراهيم بن سعد، عن الزهريّ، فإنه فصل ذلك، لكن وقع عند البخاريّ في "الدعوات" عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد في آخره "لكن البائس سعد بن خولة، قال سعد: رثى له رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ"، فهذا صريح في وصله، فلا ينبغي الجزم بإدراجه. ووقع في رواية عائشة بنت سعد، عن أبيها في "الطبّ" من الزيادة "ثم وضع يده على جبهتي، ثم مسح وجهي وبطني، ثم قال: اللَّهمّ اشف سعدًا، وأتمم له هجرته، قال: فما زدت أجد بردها"، ولمسلم من طريق حميد بن عبد الرحمن المذكورة "قلت: فادع اللَّه أن يشفيني، فقال: اللَّهمّ اشف سعدًا ثلاث مرّات". قاله في "الفتح" (١).


(١) "فتح" ٦/ ١٤ - ١٥. "كتاب الوصايا".