قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"عمرو بن عليّ،: هو الفلاّس. و"عبد الرحمن": هو ابن مهديّ. و"سفيان": هو الثوريّ. والحديث متّفقٌ عليه.
وقوله:"وهو يكره الموت بالأرض التي هاجر منها" يحتمل أن تكون الجملة حالاً من الفاعل، أو من المفعول، وكلّ منهما محتملٌ؛ لأن كلاَّ من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومن سعد - رضي اللَّه تعالى عنه - كان يكره ذلك، لكن إن كان حالاً من المفعول، وهو سعدٌ، ففيه التفات؛ لأن السياق يقتضي أن يقول. "وأنا أكره". وقد أخرجه مسلم من طريق حميد ابن عبد الرحمن، عن ثلاثة من ولد سعد، عن سعد، بلفظ:"فقال: يا رسول اللَّه، خشيتُ أن أموت بالأرض التي هاجرت منها، كما مات سعد بن خولة"، وللنسائيّ (١) من طريق جرير بن يزيد، عن عامر بن سعد:"لكن البائس سعد بن خولة، مات في الأرض التي هاجر منها"، وله من طريق بُكير بن مسمار، عن عامر بن سعد في هذا الحديث بلفظ:"فقال سعد: يا رسول اللَّه، أموت بالأرض التي هاجرت منها؟، قال: لا، إن شاء اللَّه تعالى".
وقوله:"رحم اللَّه سعد بن عفراء". قال الداوديّ:"ابن عفراء" غير محفوظ، وقال الدمياطيّ: هو وَهَمٌ، والمعروف "ابن خولة"، قال: ولعلّ الوهم من سعد بن إبراهيم، فإن الزهريَ أحفظ منه، وقال فيه:"سعد بن خولة". يشير إلى ما وقع في روايته بلفظ "لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن مات بمكّة". وقد تقدّم ذكر من وافق الزهريّ، وهو الذي ذكره أصحاب المغازي، وذكروا أنه شهد بدرًا، ومات في حجة الوداع. وقال بعضهم في اسمه"خَوْلِىّ" بكسر اللام، وتشديد التحتانيّة، واتفقوا على سكون الواو. وأغرب ابن التين، فحكى عن القابسيّ فتحها. ووقع في رواية ابن عُيينة عند البخاريّ في "الفرائض": "قال سفيان: وسعد بن خولة رجلٌ من بني عامر بن لؤيّ" انتهى. وذكر ابن إسحاق أنه كان حليفًا لهم، ثمّ لأبي رُهْم بن عبد العزّى منهم. وقيل: كان من الفرس الذين نزلوا اليمن. وتقدّم شيء من خبره في حديث سُبيعة الأسلميّة في أبواب العدّة. وجزم الليث بن سعد في "تاريخه" عن يزيد بن أبي حبيب
(١) هكذا عزا في "الفتح" هذه الرواية إلى المصنّف، ولم أرها عنده، فاللَّه أعلم.