الرمصياء: (ثمّ استيقظ، وهو يضحك، وكانت تغسل رأسها، فقالت: يا رسول اللَّه أتضحك من رأسي؟، قال: لا". أخرجه أبو داود، ولم يسق المتن، بل أحال به على رواية حماد بن زيد، وقال: يزيد، وينقص. وقد أخرجه عبد الرزّاق من الوجه الذي أخرجه منه أبو داود، فقال: عن عطاء بن يسار: "أن امرأة حدّثته … "، وساق المتن، ولفظه يدلّ على أنه في قصّة أخرى، غير قصّة أمّ حرام، فاللَّه أعلم. قاله في "الفتح" (١).
(قَالَ: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي، عُرِضُوا عَلَيَّ) ببناء الفعل للمفعول، أي أَظهَر اللَّه تعالى لي صُوَرهم، وأحوالهم حال ركوبهم البحر، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(غُزَاةٌ) بضم العْين المعجمة، جمع غاز، أي حال كونهم غازين (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي لإعلاء كلمة اللَّه تعالى. وفي رواية حماد بن زيد عند البخاريّ:"فقال: عجبت من قوم من أمّتي". ولمسلم من هذا الوجه:"أُريت قومًا من أُمّتي"، وهذا يُشعر بأن ضحكه كان إعجابًا بهم، وفَرَحًا لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة (يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) وفي الرواية التالية: "يركبون هذا البحر". وفي رواية حماد بن زيد عند البخاريّ:"يركبون هذا البحر الأخضر"، ولمسلم من طريقه:"يركبون ظهر البحر"، وفي رواية أبي طوالة:"يركبون البحر الأخضر في سبيل اللَّه".
و"الثَّبَجُ" -بفتح المثلّثة، والموحّدة، ثم جيم-: ظَهْرُ الشيء. هكذا فسّره جماعة. وقال الخطّابيّ: متن البحر، وظهره. وقال الأصمعيّ: ثَبَجَ كلّ شيء وسطه. وقال أبو عليّ في "أماليه": قيل: ظهره. وقيل: مُعظَمُهُ. وقيل: هو له. وقال أبو زيد في "نوادره": ضرب ثَبَجَ الرجل بالسيف: أي وسطه. وقيل: ما بين كتفيه، والراجح أن المراد هنا ظهره، كما وقع التصريح به في بعض الرواية، والمراد أنهم يركبون السفن التي تجري على ظهره، ولما كان جري السفن غالبًا إنما يكون في وسطه، قيل: المراد وسطه، وإلا فلا اختصاص لوسطه بالركوب.
وأما قوله:"الأخضر"، فقال الكرمانيّ: هي صفة لازمة للبحر، لا مخصّصة انتهى.
ويحتمل أن تكون مخصّصة لأن البحر يُطلَق على الملح والعذب، فجاء لفظ "الأخضر" لتخصيص الملح بالمراد، قال: والماء في الأصل لا لون له، وإنما تنعكس الخضرة من انعكاس الهواء، ومقابلاته إليه. وقال غيره: إن الذي يقابله السماء، وقد أطلقوا عليها الخضراء؛ لحديث:"ما أظلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء"، والعرب