والجمهور، وإن حملوا النهي على التحريم إلا أنهم خصّوا الفطر بالأكل والشرب والجماع.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: دعوى الحافظ على ما قاله ابن حزم بالإفراط غير صحيحة، كيف يقال لمن قال بما اقتضاه ظواهر النصوص: إنه أفرط؟، بل هذا هو الإفراط نفسه، فما قاله ابن حزم هو الظاهر، وقد تقدّم قريبًا النقل عن عائشة، والأوزاعيّ أن الغيبة تفطر الصائم، فلم لم يعترض عليهما؟، مع أن الجمهور لا يرون ذلك أيضًا.
والحاصل أن مذهب الجمهور هو الذي يحتاج إلى دليل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
وأشار ابن عبد البرّ إلى ترجيح الصيام على غيره من العبادات، فقال: حسبك يكون الصوم جُنّة من النار فضلاً. وسيأتي للمصنف رقم ٤٣/ ٢٢٢٠ - بسند صحيح عن أبي أمامة - رضي اللَّه عنه -، قال: قلت: يا رسول اللَّه مُرْني بأمر آخذه عنك، قال:"عليك بالصوم، فإنه لا مثل له". وفي لفظ:"لا عدل له". والمشهور عند الجمهور ترجيح الصلاة (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الجمهور يؤيّده ما أخرجه أحمد، وابن ماجه، والدارميّ بأسانيد صحيحة، عن ثوبان - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "استقيموا، ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن". واللَّه تعالى أعلم.
(إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ)"كان" هنا تامّة، و"يومُ" مرفوع على الفاعليّة، ويحتمل أن تكون ناقصة، واسمها "الوقت" مقدّرًا، و"يوم" بالنصب خبرها.
(فَلَا يَرْفُثْ) بضم الفاء، وكسرها، ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد بالرفث هنا - وهو بفتح الراء والفاء، ثمّ المثلثة-: الكلام الفاحش، وهو يطلق على هذا، وعلى الجماع، وعلى مقدّماته، وعلى ذكره مع النساء، أو مطلقًا، ويحتمل أن يكون لما هو أعمّ منها. قاله في "الفتح"(وَلَا يَصْخَبْ) أي لا يَرفع صوته، ولا يَغضب على أحد.
وقال في "الفتح": قوله: "ولا يصخب" كذا للأكثر بالمهملة الساكنة، بعدها خاء معجمة، ولبعضهم: بالسين بدل الصاد، وهو بمعناه، والصخب الخصام والصياح، والمراد بالنهي عن ذلك تأكيده حالة الصوم، وإلا فغير الصائم منهيّ عن ذلك أيضًا انتهى.