للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعنه؟.

[قلت]: إنما صحّ بما يأتي بعده، من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - الآتي بعده، وهو وإن كان موقوفًا إلا أن له حكم الرفع، ومن حديث أبي سعيد الخدريّ، وحديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - مرفوعًا، الآتيان في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى.

وهو بهذا السند من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-٤١/ ٢٢١١ - وفي "الكبرى" ٤١/ ٢٥٢١. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل الصوم (ومنها): إثبات صفة الكلام للَّه تعالى، وأنه يتكلم حيث يشاء، ويكلّم من يشاء بما يشاء، وأن كلامه ليس خاصًا بالقرآن الكريم، وهذا هو الذي يُسمّي بالحديث القدسيّ، وهو كلام اللَّه تعالى على الحقيقة، والفرق بينه وبين القرآن أن القرآن متعبّد بتلاوته، بخلاف هذا (ومنها): أن العبادات تتفاوت من حيث الثواب (ومنها): أن ثواب الصوم لا يعلم مقداره إلا اللَّه تعالى (ومنها): أن الصائم له الفرح في الدنيا والآخرة (ومنها): أن اللَّه سبحانه وتعالى تفضل على عباده بأن جعل الروائح الكريهة بسبب الصوم أطيب من ريح المسك (ومنها): أن خلوف فم الصائم أعظم من دم الشهيد؛ لأن دم الشهيد شُبِّهَ ريحه بريح المسك، وخلوف فم الصائم وُصف بأنه أطيب، ولا يلزم من ذلك أن يكون الصيام أفضل من الشهادة لما لا يخفى (١). واللَّه ذو الفضل العظيم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): اختلف العلماء في المراد بقول اللَّه تعالى: "الصوم لي، وأنا أجزي به"، مع أن الأعمال كلها للَّه تعالى، وهو الذي يَجزي بها، على أقوال، أوصلها الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "الفتح" إلى عشرة:

[أحدها]: أن الصوم لا يقع فيه الرياء؛ كما يقع في غيره. حكاه المازريّ، ونقله عياض عن أبي عُبيد. ولفظ أبي عُبيد في "غريبه": قد علمنا أن أعمال البرّ كلها للَّه، وهو الذي يَجزي بها، فنرى -واللَّه أعلم- أنه إنما خصّ الصيام؛ لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله، وإنما هو شيء في القلب، ويؤيّد هذا التأويل قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ليس في الصيام رياء"،


(١) - أفاده في "الفتح" ج ٤ ص ٥٩٨.