للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المعدة، وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغيرّ. وقال البَرْقيّ: هو تغيّر طعم الفم، وريحه لتأخّر الطعام. وقال عياض: هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهه؛ لخلوّ المعدة من الطعام (١).

[تنبيه]: "الخلوف" بالضبط المذكور هو المشهور في الرواية، وومع عند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "لَخُلُف" بحذف الواو، قال العينيّ: والظاهر أنه جمع خلفَة- بالكسر. وقال ابن الأثير: الخِلْفة -بالكسر- تغيّر ريح الفم، وأصلها في النبات أن ينبت الشىء بعد الشيء؛ لأنها رائحه بعد الرائحة الأولى، وروي في غير البخاريّ بهذه اللفظة، أعني "خِلْفَة" انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -. هذه الرواية ستأتي للمصنف في الباب التالي رقم - ٢٢١٩ - ولفظه: "والذي نفس محمد بيده لَخِلْفَة فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك". واللَّه تعالى أعلم.

[فائدة]. قوله: "فم الصائم" فيه ردّ على أبي عليّ الفارسي في قوله: إن ثبوت الميم في "الفم" خاصّ بضرورة الشعر (٣)، فقد ثبت في هذا الحديث في الاختيار، وأما في الشعر فقد ثبت في قوله [من الرجز]:

كَالْحُوتِ لَا يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهُ … يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُة

(أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكٍ") وفي لفظ مسلم، والنسائيّ (٤). "أطيب عند اللَّه يوم القيامة".

وقد وقع اختلاف بين الإمامين: أبي عمرو بن الصلاح، ومحمد بن عبد السلام -رحمهما اللَّه تعالى-، فذهب الأول إلى أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة، وذهب الثاني إلى أنه في الآخرة خاصّة، مستدلًا بهذه الرواية.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه ابن الصلاح هو الأرجح، وقد ذكرت تحقيق ذلك في أوائل هذا الشرح، في شرح حديث: "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" برقم -٧/ ٧ - فراجعه تستفد، واللَّه تعالى ولي التوفيق، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - راجع" المرعاة" ج ٦ ص ٤٠٨ - ٤٠٩.
(٢) - راجع "عمدة القاري" ج ٩ ص ٢٩.
(٣) - راجع "طرح التثريب" ج ٤ ص ٩٥.
(٤) - ستأتي للمصنف في الباب التالي برقم ٢٢١٦.