للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأظهر خاصيته لوقع الإنكار من العلماء بتلك الخواص وقالوا ليس هذا منك إنما هذه خاصية في هذا ثم إن المعجزات ليست نوعا واحدا بل هي بين صخرة خرجت منها ناقة وعصا انقلبت حية وحجر تفجر عيونا وهذا القرآن

الذي له منذ نزل دون الستمائة سنة فالأسماع تدركه والأفكار تتدبره والتحدي به على الدوام ولم يقدر أحد على مداناة منه فأين هذا والخاصة والسحر والشعبذة.

قال أبو الوفاء علي بن عقيل صبئت قلوب أهل الإلحاد لانتشار كلمة الحق وثبوت الشرائع بين الخلق والامتثال لأوامرها كابن الراوندي ومن شاكله كأبي العلاء ثم مع ذلك لا يرون لمقالتهم نباهة ولا أثرا بل الجوامع تتدفق زحاما والآذانات تملأ أسماعهم بالتعظيم لشأن النبي والإقرار بما جاء به وإنفاق الأموال والأنفس في الحج مع ركوب الأخطار ومعاناة الأسفار ومفارقة الأهل والأولاد فجعل بعضهم يندس في أهل النقل فيضع المفاسد على الأسانيد ويضع السير والأخبار وبعضهم يروي ما يقارب المعجزات من ذكر خواص في أحجار وخوارق العادات في بعض البلاد وأخبار عن الغيوب عن كثير من الكهنة والمنجمين ويبالغ في تقرير ذلك حتى قالوا أن سطيحا قال في الخبيء الذي خبئ له حبة بر في إحليل مهر والأسود كان يعظ ويقول الشيء قبل كونه وههنا اليوم معزمون يكلمون الجني الذي في باطن المجنون فيكلمهم بما كان ويكون وما شاكل ذلك من الخرافات فمن رأى مثل هذا قال بقلة عقلة وقلة تلمحه لقصد هؤلاء الملحدة وهل ما جاءت به النبوات إلا مقارب هذا وليس قول الكاهن حبة بر في إحليل مهر وقد أخفيت كل الاخفاء بأكثر من قوله: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ وهل بقي لهذا وقع في القلوب وهذا التقويم ينطق بالمنع من الركوب اليوم وهل ترك تلمح هذا إلا النبي (١) والله ما قصدوا بذلك إلا قصدا ظاهرا ولمحوا إلا لمحا جليا فقالوا تعالوا نكثر الجولان في البلاد والأشخاص والنجوم والخواص فلا يخلو مع الكثرة من مصادفة الاتفاق لواحدة من هذه فيصدق بها الكل ويبطل أن


(١) وفي نسخة إلا الفتى.

<<  <   >  >>