للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه صفتي فوضعت جنبي فنمت مضطجعا فتغاشاني النوم فنمت وأنا على تلك الهيئة والسباع في المكان الذي كانوا عليه فمضى بي وقت وأنا نائم فاستيقظت فإذا السباع قد تفرقت ولم يبق منها شيء واذا الذي كنت أجده قد زال فقمت وأنا على تلك الهيئة فانصرفت.

قال المصنف : قلت فهذا الرجل قد خالف الشرع في تعرضه للسباع ولا يحل لأحد أن يتعرض لسبع أو لحية بل يجب عليه أن يفر مما يؤذيه أو يهلكه وفي الصحيحين أن النبي قال إذا وقع الطاعون وأنتم بأرض فلا تقدموا عليه وقال : "فر من المجذوم فرارك من الأسد" ومر بحائط مائل فأسرع وهذا الرجل قد أراد من طبعه أن لا ينزعج وهذا شيء ما سلم منه موسى فإنه لما رأى الحية خاف وولى مدبرا فإن صح ما ذكره وهو بعيد الصحة لأن طباع الآدمين تتساوى فمن قال لا أخاف السبع بطبعي كذبناه كما لو قال أنا لا أشتهي النظر إلى المستحسن وكأنه قهر نفسه حتى نام بينهم استسلاما للهلاك لظنه أن هذا هو التوكل وهذا خطأ لأنه لو كان هذا هو التوكل ما نهى عن مقاربة ما يخاف شره ولعل السباع اشتغلت عنه وشبعت من الجمل والسبع إذا شبع لا يفترس ولقد كان أبو تراب النخشبي من كبار القوم فلقيته السباع البرية فنهشته فمات ثم لا ينكر أن يكون الله تعالى لطف به ونجاه

بحسن ظنه فيه غير أنا نبين خطأ فعله للعامي الذي إذا سمع هذه الحكاية ظن أنها عزيمة عظيمة ويقين قوي وربما فضل حالته على حالة موسى إذ هرب من الحية وعلى حالة نبينا إذ مر بجدار مائل فهرول وعلى لبسه الدرع في غزواته كلها وقت الحرب حتى قال في غزوة الخندق ليس لنبي أن يلبس لأمة حربة ثم ينزعها من غير قتال وعلى حالة أبي بكر إذ سد خروق الغار اتقاء ذي الحيات وهيهات أن تعلو مرتبة هذا المخالف للشرع على مرتبة النبيين والصديقين بما يخايل له ظنه الفاسد من أن هذا الفعل هو التوكل.

وقد أخبرنا عنه أبو منصور القزاز نا أبو بكر الخطيب نا إسماعيل بن أحمد الجبري ثنا محمد بن الحسين السلمي قال سمعت محمد بن الحسين البغدادي يقول سمعت

<<  <   >  >>