للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجلس حكم: فذلك غير منكر، وهو العادة الجازية فى المواسم عند هذا الفقيه المفتى وجماعته، ومجالس التذكير فى سائر بلاد الإسلام»

فلما عاد جوابه إلى الشيخ الموفق: كتب فى ظهرها بخطه ما مضمونه «كنت أتخيل فى الناصح: أنه يكون إماما بارعا، وأفرح به للمذهب؛ لما فضله الله به من شرف بيته، وإعراق نسبه فى الإمامة، وما آتاه الله تعالى من بسط اللسان، وجراءة الجنان، وحدة الخاطر، وسرعة الجواب، وكثرة الصواب. وظننت أنه يكون فى الفتوى مبرزا على أبيه وغيره، إلى أن رأيت له فتاوى غيره فيها أسد جوابا، وأكثر صوابا. وظننت أنه ابتلى بذلك لمحبته تخطئة الناس، واتباعه عيوبهم. ولا يبعد أن يعاقب الله العبد بجنس ذنبه - إلى أن قال: والناصح قد شغل كثيرا من زمانه بالرد على الناس فى تصانيفهم وكشف ما استتر من خطاياهم ومحبة بيان سقطاتهم. ولا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه، أفتراه يحب لنفسه بعد موته من ينتصب لكشف سقطاته، وعيب تصانيفه وإظهار أخطائه؟ وكما لا يحب ذلك لنفسه ينبغى أن لا يحبه لغيره، سيما للأئمة المتقدمين، والعلماء المبرزين. وقد أرانا الله تعالى آية فى ذهابه عن الصواب فى أشياء تظهر لمن هو دونه.

فمن ذلك: فى فتياه هذه خطأ من وجوه كثيرة.

منها: أنه إنما أذن له بقرينة الحال فى جواب السؤال، فعدوله إلى الرد على من قبله تصرف فى الكتابة فى ورقة غيره، بما لم يؤذن له فيه. وذلك حرام.

ومنها: أن قرينة أحوالهم تدل على أنهم إنما أذنوا فى الجواب بما يوافق المفتى قبله، فالكتابة بخلاف ذلك غير مأذون فيها، ولذلك أحوج إلى قطع ورقتهم، وذهاب فتياه منها.

ومنها: أنهم سألوا عن السماع الجامع لهذه الخصال المذكورة، على وجه يتخذ دينا وقربة؟ فلم يجب عن ذلك، وعدل إلى ذكر بعض الخصال المذكورة

<<  <  ج: ص:  >  >>