ألا ربّ وجه فى التراب عتيق … ألا رب رامى فى التراب رفيق
أرى كل حى هالكا وابن هالك … وذو حسب فى الهالكين عريق
فقل لمقيم الدار: إنك ظاعن … إلى سفر نائى المحل سحيق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت … له عن عدو فى ثياب صديق
[٢٠٨ - محمد بن عثمان]
بن عبد الله بن عمر بن عبد الباقى بن العكبرى البغدادى الطفرى، الفقيه المحدث، الواعظ أبو عبد الله.
ذكره ابن النجار، وقال: جارنا بالطفرية.
حفظ القرآن فى صباه، وقرأه بالروايات على أبى بكر بن الباقلانى الواسطى، وعلى عبد الله بن بكران الداهرى. وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وقرأ العربية على أبى البركات الأنبارى، وأبى محمد بن الخشاب، وصحب شيخنا أبا الفرج ابن الجوزى، وقرأ عليه شيئا من مصنفاته فى الوعظ وغيره.
وسمع الحديث من أبى العباس أحمد بن محمد المرقعاتى، وعبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وشهدة الكاتبة، ومن خلق كثير دونهم، وكتب بخطه كثيرا من الكتب والأجزاء، وكان يعقد مجلس الوعظ بجامع ابن بهليقا فى كل جمعة، فبقى على ذلك مدة طويلة، ثم انقطع فى بيته، لا يخرج منه إلا إلى الجمعة والجماعة، وكان يكثر الجلوس فى المقابر، سمعت منه. وكان يسمع بقراءتى على مشايخنا، وكان صدوقا متدينا عفيفا، قليل المخالطة للناس، محبا للخلوة والانزواء، فقيها فاضلا، كثير المحفوظ للأحاديث، وحكايات السلف ويعرف طرفا صالحا من الحديث، وقد جمع معجما لشيوخه الذين سمع منهم فى فى خمسة أجزاء، ثم روى عنه حديثا عن شهدة، ثم قال: ذكر أن مولده فى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وتوفى ليلة الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
وصلينا عليه من الغد، ودفن بالجديدة من باب أبرز، رحمه الله تعالى.