للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمعت أبا عمرو بن الصلاح المفتى يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق.

وقال الشيخ عبد الله اليونينى: ما أعتقد أن شخصا ممن رأيته حصل له من الكمال فى العلوم والصفات الحميدة التى يحصل بها الكمال سواه. فإنه رحمه الله كان كاملا فى صورته ومعناه من الحسن والإحسان، والحلم والسؤدد والعلوم المختلفة، والأخلاق الجميلة، والأمور التى ما رأيتها كملت فى غيره. وقد رأيت من كرم أحلاقه، وحسن عشرته، ووفور حلمه، وكثرة علمه وغزير فطنته، وكمال مروءته، وكثرة حيائه، ودوام بشره، وعزوف نفسه عن الدنيا وأهلها، والمناصب وأربابها: ما قد عجز عنه كبار الأولياء. فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال «ما أنعم الله على عبد نعمة أفضل من أن يلهمه ذكره» فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضل من الكرامات، وأفضل الذكر ما يتعدى نفعه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسنة، وأعظم من ذلك وأحسن: ما كان جبلّة وطبعا، كالحلم والكرم والعقل والحياء، وكان الله قد جبله على خلق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغا، وأسبغ عليه النعم، ولطف به فى كل حال.

قال: وكان لا يناظر أحدا إلا وهو يتبسم، حتى قال بعض الناس: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسمه.

قال: وأقام مدة يعمل حلقة يوم الجمعة بجامع دمشق، يناظر فيها بعد الصلاة.

ثم ترك ذلك فى آخر عمره. وكان يشتغل عليه الناس من بكرة إلى ارتفاع النهار.

ثم يقرأ عليه بعد الظهر، إما من الحديث أو من تصانيفه إلى المغرب. وربما قرأ عليه بعد المغرب وهو يتعشى. وكان لا يرى لأحد ضجرا. وربما تضرر فى نفسه ولا يقول لأحد شيئا.

[ذكر شئ من كراماته]

قال سبط ابن الجوزى: حكى أبو عبد الله بن فضل الاعتاكى قال: قلت فى نفسى: لو كان لى قدرة لبنيت للموفق مدرسة، وأعطيته كل يوم ألف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>