عليه. فأراد الوالى ضرب الذين نالوا منه. فقال: إن تابوا ولزموا الصلاة فلا تؤذهم وهم فى حل من قبلي. فتابوا ورجعوا عما كانوا عليه.
قال: ورأيته ربما يكون فى مسجد، فإذا أخذ من لحيته شعرة أو من أنفه شيئا جعل ذلك فى عمامته. وربما برى قلما فيتحفظ من القلامة. ولا يدعها فى المسجد. وكان إذا أفتى فى مسألة يتحرز فيها احترازا كثيرا، حتى كان بعض الفقهاء يتعجب من فتاويه، وكثرة احترازه فيها.
وسمعت من يقول: كان يكون على ثوبه غبار، فيقول لى: اذهب فانفضه خارج المسجد.
وسمعت أبا محمد بن عبد الرزاق بن هبة الله الدمشقى، يقول: سمعت الشيخ عبد الله البطائحى رحمه الله يقول: أشكلت علىّ مسألة فى الورع، فما وجدت من أفتانى فيها إلا العماد. وكان رحمه الله: لا يرى أن يخرج الحصير من المسجد ليجلس عليها خارج المسجد، والحصير التى للمحراب لا يجلس عليها خارج المحراب.
وسمعت أحمد بن عبد الله بن أبى المجد الحربى يقول: كان الشيخ العماد عندنا بالحربية - يعنى ببغداد - وكان إذا دخل بيت الله ولم يسم، خرج فسمى ثم دخل.
وسمعت من شيخنا وإمامنا موفق الدين أبى محمد المقدسى يقول: عمرى أعرفه - يعنى الشيخ العماد - وكان بيتنا قريبا من بيتهم - يعنى فى أرض المقدس - ولما جئنا إلى هنا. فما افترقنا إلا أن يسافر أحدنا، ما عرفت أنه عصى الله معصية.
وسمعت الإمام أبا إبراهيم محاسن بن عبد الملك التنوخى يقول: كان الشيخ العماد جوهرة العصر، وذلك أن واجدا يصاحب شخصا مدة، ربما تغير عليه، وكان الشيخ العماد: من صاحبه لا يرى منه شيئا يكرهه قط، كلما طالت صحبته ازداد بشره، ورأى منه ما يسره. وهذا شئ عظيم، وليس يكون كرامة أعظم من هذا.
قال الضياء: ولعله ما قعد عنده أحد إلا حصل له منفعة فى العلم والزهد،