للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يتألف الناس ويقريهم، حتى إنه ربما ردد على إنسان كلمات يسيرة من سحر إلى الفجر.

وقال الضياء: كان رحمه الله يتألف الناس، ويلطف بالغرباء والمساكين، حتى صار من تلاميذه جماعة من الأكراد والعرب والعجم. وكان يتفقدهم ويسأل عنهم، وعن حالهم، ولقد صحبه جماعة من أنواع المذاهب، فرجعوا عن مذاهبهم لما شاهدوا منه. وكانوا يتحدثون عنه، ويذكرون لنا من كراماته وكرمه، وحسن عشرته. وكان سخيا جوادا، كثير المعروف، حتى كان بيته مأوى للناس. وكان ينصرف كل ليلة إلى بيته من الفقراء جماعة كثيرة من أصحابه، فيقدم إليهم ما حضر.

قال: وكان لا يكاد يفتر من الاشتغال: إما بالقرآن، أو الحديث، أو غيره من العلوم. وأقام بحران مدة، وانتفعوا به. وكان يشتغل بالجبل، إذا كان الشيخ موفق الدين بالمدينة، فإذا صعد الموفق الجبل نزل هو فاشتغل بالمدينة.

وكان يقعد فى جامع دمشق من الفجر إلى العشاء، لا يخرج إلا لما لا بد منه، يقرئ الناس القرآن والعلم، فإذا لم يبق له من يشتغل عليه اشتغل بالصلاة.

وكان داعية إلى السنة وتعلم العلم والدين، وختم عليه جماعة من الأصحاب.

قال: وما أعلم أنه أدخل نفسه فى شئ من أمر الدنيا، ولا تعرض لها، ولا نافس فيها. وقد يفتح لأصحابنا بعض الأوقات بشئ من الدنيا، فما أعلم أنه حضر عندهم يوما قط فى شئ من ذلك، وما علمت أنه دخل يوما إلى سلطان ولا إلى وال. ولا تعرّف بأحد منهم. ولا كانت له رغبة فى ذلك.

قال: وكان محافظا على الصدق والورع. سمعته يقول لرجل: كيف ولدك؟ فقال: يقبل يدك. فقال: لا تكذب. وكان كثير الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. لا يرى أحدا يسئ صلاته إلا قال له وعلمه. ولقد بلغنى أنه خرج مرة إلى قوم من الفساق فكسر ما معهم فضربوه، ونالوا منه حتى غشي

<<  <  ج: ص:  >  >>