فقيه، قالوا: إنه كافر، قلت: لا أعرفه، قال: بلى، هو محدث، فقلت: لعله الحافظ عبد الغنى؟ فقال: نعم، هذا هو، فقلت: أيها الملك، العلماء: أحدهم يطلب الآخرة، والآخر يطلب الدنيا، وأنت ههنا باب الدنيا، فهذا الرجل جاء إليك، وأرسل إليك شفاعة، أو رقعة، يطلب منك شيئا؟ فقال: لا، فقلت: أيها الملك: والله هؤلاء القوم يحسدونه، فهل فى هذه البلاد أرفع منك؟ قال: لا، فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء، كما أنت أرفع الناس ههنا، فقال:
جزاك الله خيرا كما عرفتنى هذا.
ثم إنّي أرسلت رقعة إلى للملك الكامل أوصيه به، فأرسل إليّ: تجئ، فمضيت إليه، وإذا عنده جماعة، منهم: شيخ الشيوخ - يعنى: ابن حمويه - وعزّ الدين الزنجانى، فقال لى الملك: نحن فى أمر الحافظ، فقلت: أيها الملك، القوم يحسدونه، ثم بيننا هذا الشيخ - أعنى شيخ الشيوخ - وقلت: بحق كذا وكذا، هل سمعت من الحافظ كلاما يخرج عن الإسلام؟ فقال: لا والله، ما سمعت منه إلا كل جميل، وما رأيته قط، ثم تكلم ابن الرنجانى، فمدح الحافظ مدحا كثيرا، ومدح تلامذته، وقال: أنا أعرفهم، فما رأيت مثلهم. فقلت:
وأنا أقول شيئا آخر، فقال: ما هو؟ فقلت: لا يصل إليه شئ يكرهه، حتى يقتل من الأكراد ثلاثة آلاف، قال فقال: لا يؤذى الحافظ، فقلت:
اكتب خطك بذاك، فكتب.
وسمعت بعض أصحابنا يقول: إن الحافظ أمر أن يكتب اعتقاده، فكتب:
أقول كذا؛ لقول لله كذا، وأقول كذا؛ لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم كذا، حتى فرغ من المسائل التى يخالفون فيها، فلما وقف عليها الملك الكامل، قال: إيش فى هذا؟ يقول بقول الله عزّ وجل، وقول رسوله صلّى الله عليه وسلم.
قال: فخلى عنه.
ثم ذكر الضياء طرفا من فراسته، وهى نوع من فراسته، وهى ملتحقة بنوع من كراماته.