قال: المعنى إنّي قد أظهرتها حين أعلمت بكونها، لكن قاربت أن أخفيها بتكذيب المشرك بها، وغفلة المؤمن عنها، فالمشرك لا يصدق كونها، والمؤمن يهمل الاستعداد لها.
قال: وقرأت عليه ما جمعه من خواطره، قال: قرأ عندى قارئ، قال:
(٤:٢٠ {هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي)} فأفكرت فى معنى اشتقاقها، فنظرت فإذا وضعها للتنبيه، والله لا يجوز أن يخاطب بهذا، ولم أر أحدا خاطب الله عزّ وجل بحرف التنبيه إلا الكفار، كما قال الله عزّ وجل (٨٦:١٦ {قالُوا: رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ)،} (٣٨:٧ {رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا)} وما رأيت أحدا من الأنبياء خاطب ربه بحرف التنبيه، والله أعلم.
فأما قوله:(٨٨:٤٣ {وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ)} فإنه قد تقدم الخطاب بقوله: يا رب، فبقيت «ها» للتمكين، ولما خاطب الله عزّ وجل المنافقين، قال:(١٠٩:٤ {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)} وكرم المؤمنين بإسقاط «ها»، فقال:(١١٩:٣ {ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)} وكان التنبيه للمؤمنين أخف.
وسمعته يقول فى قوله تعالى:(١١٠:٢١ {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ)} المعنى:
أنه إذا اشتدت الأصوات وتغالبت فإنها حالة لا يسمع فيها الإنسان. والله عزّ وجل يسمع كلام كل شخص بعينه، ولا يشغله سمع عن سمع.
قال: وقوله: (١١٢:٢١ {قالَ: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ)} قال: المراد منه: كن أنت أيها القائل على الحق؛ ليمكنك أن تقول: احكم بالحق، لأن المبطل لا يمكنه أن يقول: احكم بالحق.
وقال فى قوله تعالى:(٥٣:٢٤ {قُلْ: لا تُقْسِمُوا، طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)} قال:
وقع لى فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أن المعنى: لا تقسموا واخرجوا من غير قسم، فيكون المحرك لكم