وكان - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ صبيان أصحابه، ويمازحهم، ويداعبهم، وَيُجْلِسُهُم في حِجْرِهِ، فربما بال أحدهم في حجره، فلا يُزْرِمُهُ ولا يتضجر منه.
فعن عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه - قال:«كنت غلامًا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... » الحديث.
وبال ابن أم قيس - رضي الله عنهما - في حِجْره فلم ينهره ولم يَرْمِهِ طُولَه.
وبالجملة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخُصَّ مزاحه بأحد دون أحد، وما ابتسم في وجه بعض أصحابه وقَطَّبَ في وجه آخرين، بل مازح الصغير والكبير، والرجل والمرأة، والحر والعبد، والمحسن والمسيء، كما تبسم في وجه الأعرابي الذي جَذَبَهُ بردائه جذبةً شديدةً «وكان رداؤه بردةً نجرانيةً غليظة الحاشيةِ» فأَثَّرَت في صَفْحَة عاتقه - صلى الله عليه وسلم - ثم قال الأعرابي:«يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك» فلم يَزِد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن التفت إليه وضحك في وجهه