وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا». والحديثان صحيحان.
وبما تقدَّم يتبين لك بطلان الاحتجاج بالحديث على النهي عن المزاح مطلقًا. والله الموفق.
ثانيًا:
وربما اسْتُدِلَّ بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في النهي عن كثرة الضحك، على كراهية المزاح والنهي عنه. ويُرَدُّ هذا الاستدلال بأن يُقال: ليس في الحديث دليل على حرمة الضحك بل ولا حتى القهقهة. وهي الضحك مقرونًا بصوت.
فإن كتب السُّنَّة مليئة بالأحاديث التي فيها ذكر ضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تبدو (أنيابه) وفي رواية (نواجذه) وفي رواية (أضراسه)، بل جاء في الحديث أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ضحك حتى استلقى على قفاه من شدة الضحك وذلك بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكر عليه ذلك كما في حديث مبايعة هند بنت عتبة - رضي الله عنها - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد جاءته متنكرة حتى لا يعرفها لأجل صَنيعها بعمِّه حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه -.