هذا وإن العاقل جدير به أن يتوخَّى بمزاحه إحدى حالتين:
الأولى: إيناس المصاحبين والتودُّد إلى المُخَاطَبين، وهذا يكون بما أُنِسَ من جميل القول وَبُسِطَ من مُسْتَحْسَن الفعل.
ومن هذا النوع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للصبي الذي مات طائر كان له:«يا أبا عمير، ما فعل النُّغَير؟». رواه البخاري.
فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى على أبي عمير أثر الحزن والكآبة أراد أن يُؤْنِسَه ويداعبه لينفي عنه ما رآه.
الثانية: نفي ما طرأ على النفوس من سَأَم أو همٍّ أو مللٍ.
ومن هذا النوع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - - وقد رآه في المسجد نائمًا لِخِصَام كان بينه وبين زَوْجِه فاطمة - رضي الله عنها - -: «قم أبا تراب، قم أبا تراب» وهو يَنْفض التراب عنه. رواه البخاري.
وعلى هاتين الحالتين كان مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، يعلم هذا مَن تتبَّع ما ورد عنهم في هذا الباب.
وفي هذه الحالة الثانية «الإحماض» الذي كان يفعله أهل