يكون المزاح استدراجًا من الشيطان وهو سُنَّة مستحبَّة إذا توفَّرت فيه الشروط التي ذكرها العلماء في كتب الأدب والزهد والرقاق.
وكيف يكون استدراجًا وقد كانت تُؤلَّف به قلوب حتى تدخل الإسلام، كما في قصة خوَّات بن جبير - رضي الله عنه -. وستأتي.
بقي أن تعرف- رعاك الله- أن هذا الأثر رواه ابن أبي الدنيا في «كتاب الصمت وآداب اللسان» عن الحسن بن حُيَيِّ - رحمه الله - بسند (ضعيف أيضًا)، فلا تقوم به حجة، وإنما يذكر وغيره في كتب الزهد والرقائق من باب الاستئناس فقط.
وعلى هذا فإن معنى الأثر هو: أن بعض المزاح يُجْرِيه الشيطان على لسان المرء ليكون مبدأ خصومة وجدال وتنافر ووحشة ومسببًا للشحناء .. والله أعلم. فبطل بذلك الاستدلال بهذا الأثر على كراهة المزاح مطلقًا والحمد لله.
رابعًا:
وربما استُدِلَّ بأثر عمر - رضي الله عنه - أنه قال:«إنما سمي المزاح مزاحًا؛ لأنه زاح عن الحق».
ويُرَدُّ على هذا الاستدلال من أوجه قَدَّمْتُ لك خمسة منها، فأُعْرِض عن إعادتها خشية الإطالة، لكن ثَمَّة وجه سادس