وأكناف السماء، فيُجاوِزان ما شاء الله أن يُجاوِزا في الهواء، فيشُقُّ ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيح والتقديس لله، حتى يبلُغَ المغرب على قدْرِ ساعات الليل، فإذا بلَغَ المغرب انفجَرَ الصُّبحُ من المشرق، ضمَّ جناحَه، وضمَّ الظُّلمة بعضَها إلى بعض بكفَّيه، حتى يقبِضَ عليها بكفٍّ واحدة مثل قبضتِه حين تناوَلَها من الحجاب بالمشرق، ثم يضعُها عند المغرب على البحر السابع، فمِن هناك تكون ظلمة الليل، فإذا حوَّلَ ذلك الحجاب من المشرق إلى المغرب نَفَخَ في الصُّور، فضوء النهار من قِبَلِ الشمس، وظُلمة الليل من قِبَلِ ذلك الحجاب، فلا تزال الشمس تجري من مَطْلِعِها إلى مَغْرِبِها حتى يأتي الوقت الذي جعلَ الله لتوبة عباده، فتستأذن الشمس من أين تطلُعُ، ويَستأذِنُ القمر من أين يطلُعُ، فلا يؤذَنُ لهما، فيُحبسان مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر، فلا يَعْرِفُ مقدار حبسِهما إلا قليلٌ من الناس، وهم بقيةُ أهل الأرض، وحمَلةُ القرآن، يقرأُ كلُّ رجلٍ منهم وِرْدَهُ في تلك الليلة، حتى إذا فرَغَ منه نظَرَ فإذا ليلتُه على حالِها، فيعودُ، فيقرأُ وِرْدَه، فإذا فرَغَ منه نظَرَ فإذا الليلة على حالها، فيعودُ، فيقرأُ وِرْدَه، فإذا فرغَ منه نظر فإذا الليلة على حالها، فلا يعرِف طول تلك الليلة إلا حملة القرآن، فينادي بعضُهم بعضًا، فيجتمِعون في مساجدهم بالتضرُّع والبكاء والصُّراخ بقية تلك الليلة، ومقدار تلك الليلة مقدار ثلاث ليال، ثم يرسِلُ الله جبريل - عليه السلام - إلى الشمس والقمر، فيقول: إنّ الرب - عز وجل - أمَرَكما أن ترجعا إلى مغارِبِكما فتطلُعا منها، فإنّه لا ضوء لكما عندنا ولا نور. فتبكي الشمس والقمر من خوف يوم القيامة وخوف الموت، فيرجِعُ الشمس والقمر فيطلُعان مِن مغارِبهما، فبينا الناس كذلك يبكون ويتضرعون إلى الله - عز وجل -، والغافلون في غَفَلاتِهم، إذْ نادى منادٍ: ألا إنّ باب التوبة قد أُغلِقَ، والشمس والقمر قد طلَعا من مغارِبِهما. فينظر الناس فإذا هما أسودان كالعِكْمين، لا ضوء لهما ولا نور، فذلك قوله:{وجمع الشمس والقمر}[القيامة: ٩]. فيرتفعان مثل البعيرين المقرونين المعقورَين، يُنازِعُ كلُّ واحدٍ منهما صاحبه استباقًا، ويتصايحُ أهل الدنيا، وتذهَلُ الأُمهات، وتضعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حملَها، فأمّا الصالحون والأبرار فإنه ينفَعُهم بكاؤُهم يومئذ، ويُكتَبُ لهم عبادة، وأمّا الفاسقون والفجّار فلا ينفعُهم بكاؤُهم يومئذ، ويُكتبُ عليهم حسرة، فإذا بلغتِ الشمس والقمر سُرَّةَ السماء -وهو مَنصِفُها- جاءَهما جبريل - عليه السلام -، فأخَذَ بقرونهما، فردَّهما إلى المغرب، فلا يُغرِبُهما في مغارِبِهما، ولكن يُغرِبُهما مغارِبِها التي في باب التوبة». فقال عمر بن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -: وما بابُ التوبة؟ فقال: «يا عمر، خلَقَ الله بابًا