للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧١٩١٦ - قال مقاتل بن سليمان: {ق} جبل مِن زُمُرُّدة خضراء، محيط بالعالم، فخُضرة السماء منه، ليس من الخلْق شيء على خَلْقه، وتنبت الجبال منه، وهو وراء الجبال، وعروق الجبال كلّها مِن قاف، فإذا أراد الله تعالى زلزلة أرضٍ أوحى إلى المَلَك الذي عنده أن يُحَرِّك عِرقًا مِن الجبل، فتتحرك الأرض التي يريد، وهو أول جبل خُلِقَ، ثم أبو قبيس بعده، وهو الجبل الذي الصفا تحته ودون قاف بمسيرة سنة، جبلٌ تغرب فيه الشمس، يُقال له: الحجاب، فذلك قوله: {حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ} [ص: ٣٢] يعني: بالجبل، وهو من وراء الحجاب، وله وجهٌ كوجه الإنسان، وقلبٌ كقلوب الملائكة في الخشية لله (١) [٦١٢٠]. (ز)


[٦١٢٠] انتقد ابنُ كثير (١٣/ ١٨٠) القول بأن «ق»: جبل محيط بالأرض مستندًا للدلالة العقلية، فقال: «وكأنّ هذا -والله أعلم- من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس، لما رأى من جواز الرواية عنهم فيما لا يُصدّق ولا يُكذّب. وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم، يُلبّسون به على الناس أمر دينهم، كما افُتري في هذه الأمة -مع جلالة قدْر علمائها وحفّاظها وأئمتها- أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بالعهد مِن قِدَم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى، وقلّة الحفّاظ النُّقّاد فيهم، وشُرْبهم الخمور، وتحريف علمائهم الكَلِم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته! وإنما أباح الشارعُ الرواية عنهم في قوله: «وحدِّثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج» فيما قد يجوّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويُحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظّنون كذبه، فليس من هذا القبيل».
ونقل (١٣/ ١٨١) قولًا آخر بأن المراد بـ {ق}: «قُضي الأمر، والله». وأن قوله: {ق} دلّتْ على المحذوف من بقيّة الكَلِم كقول الشاعر:
قلت لها: قفي فقالت: قاف
وانتقده مستندًا للغة، فقال: «وفي هذا التفسير نظر؛ لأنّ الحذف في الكلام إنما يكون إذا دلّ دليل عليه، ومِن أين يُفهم هذا من ذِكر هذا الحرف؟».
وساق ابنُ عطية (٨/ ٣٠ - ٣١) الأقوال الواردة عدا قول القُرظيّ، ثم علَّق بقوله: «و {ق} على هذه الأقوال: مُقسَم به وبالقرآن المجيد، وجواب القسم منتظَر».
وذكر القول الذي قاله ابن كثير، وذكر أقوالًا غيرها، فقال: «قال القُرظيّ: هو دال على أسماء الله تعالى هي: قادر، وقاهر، وقريب، وقاض، وقابض. وقيل: المعنى: قُضي الأمر من رسالتك ونحوه، {والقرآن المجيد} فجواب القسم في الكلام الذي يدل عليه قاف. وقال قوم: المعنى: قِف عند أمرنا. وقيل المعنى: قُهر هؤلاء الكفرة، وهذا أيضًا وقع عليه القسَم». ثم أورد احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل أن يكون المعنى: قيامهم من القبور حق، والقرآن المجيد». وعلق عليه بقوله: «فيكون أول السورة مِن المعنى الذي اطَّرد بعد»، ثم قال: «وعلى هذه الأقوال فثَمّ كلام مضمر عنه وقع الإضراب، كأنه قال: ما كذّبوك ببرهان، ونحو هذا مما يليق مظهرًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>