للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورع، قال: توجهنا من مصر إلى مكة نريد الحج، فنزلنا وخرج علينا ثعبان، فتبادر الناس إلى قتله فقتله ابن عمي، فاختطف ونحن نرى سعيه، وتبادر الناس على الخيل والركاب يريدون رده فلم يقدروا على ذلك، فحصل لنا من ذلك أمرٌ عظيم. فلما كان آخر النهارُ جاء وعليه السكينة والوقار، فسألناه: ما شأنك؟ فقال: ما هو إلا أن قتلتُ الثعبان الذي رأيتم فصُنع بي كما رأيتم، وإذا أنا بين قوم من الجن يقول بعضهم: قتلت أبانا، وبعضهم: قتلت أخي، وبعضهم: قتلت ابن عمي؛ فتكاثروا علي، وإذا رجل لصق بي وقال لي: قل أنا بالله وبالشريعة المحمدية. فقلت ذلك، فأشار إليهم أن سيروا إلى الشرع، فسرنا حتى وصلنا إلى شيخ كبير على مصطبة (١)، فلما صرنا بين يديه قال: خلوا سبيله وادعوا عليه، فقال الأولاد: ندعي أنه قتل أبانا، فقلت: حاشا لله، إنما نحن وفد بيت الله الحرام، نزلنا هذا المنزل فخرج إلينا ثعبان فتبادر الناس إلى قتله فضربته فقتلته. فلما سمع الشيخ مقالتي قال: خلوا سبيله، سمعتُ ببطن نخلة، من النبي أنه قال: «من تزيا بغير زيه فقُتل فلا دية ولا قود».

أنبأنا محمد بن الملا الهندي، أنبأنا المعمر فضل الرحمن بن أهل الله المراد بادي، أنبأنا عبد العزيز بن الشاه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، أنبأنا أبي، قال: ذكر لي بعض أهل السنة أن رجلا منهم توجه إلى لاهور (٢)، فخرج عليه في بعض الطريق ثعبان فقتله الرجل، فبدا أخ المقتول وجره إلى معسكره من الجن؛ وأنه رأى هناك رجلا كان يعرفه من بني آدم فأمره ذاك الآدمي أن يقول بحضرة الملك والقاضي: أنا بالشريعة المحمدية، فذهب القاتل وولى المقتول إلى مجلس العدالة، ووجد هناك السلطان والقاضي، فقال القاضي: عندنا في الشريعة أن من تصوّر بصورة الحية أو غيرها فليس في قتله قصاص. فخلى السلطان سبيله. ثم إنه اجتمع بصاحبه الآدمي فأمره


(١) المصطبة، بكسر الميم: كالدكان للجُلوس عليه. انظر «القاموس المحيط» للفيروزابادي ١/ ١٥٠.
(٢) لاهور، هي مدينة باكستانية، عاصمة إقليم البنجاب كما كانت عاصمة الغزنويين وملوك المغول.

<<  <   >  >>