للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَمَّا كانَ أول جمعة خُطبت في هذا الجامع حضر القضاة الأربعة، وأعيان العلماء، والسلطان، وسائر الأمراء، وأرباب الدولة، وَكَانَ يَومًا مشهودًا، فخطب القاضي كاتب سِرّ ناصر الدين ابن البارزي في ذلك اليوم خُطبة بليغة.

ومن الحوادث: أن لما بنوا مئذنة هذا الجامع مالتْ عندما كملتْ، وَأبدتْ إلى السقوط، فرسم السلطان بهدمها فهدمت، ثم أعيدت ثانيًا، وقد تداعب في هذه الواقعة قاضي القضاة شهاب الدين ابن حجر الشافعي، وقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي، فقال شهَابُ الدِّينِ ابن حجر:

لجامع مولانا المؤيد رونقٌ … مِنَارَتُهُ تَزْهُو مِنَ الحُسنِ وَالزَينِ (١)

تُقولُ وقد مالتْ عليهمْ تَرفقوا … فَليسَ عَلَى هَدَمى أضرّ مِنَ العيني (٢)

فأجاب العيني عن ذلك بقوله:

منَارَةٌ كعروسِ الحُسنِ إِذْ جُلِيتْ … وَهَدْمُهَا بِقَضَاءِ اللهِ وَالقدر

قالوا: أصيبت (٣) بعينٍ قَلتُ ذَا غَلط … ما أوجب الهدَمَ إِلَّا خُبثة (٤) الحجرِ (٥)

وَقدْ قالت الشعراء في ذلك مداعبات كثيرة أعجوبة، ذكرها قاضي القضاة شهاب الدين ابن حجر رحمة الله عليه، أنَ في دَولة الملك المؤيد شيخ في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة (٦) ولدت في مدينة بلبيس (٧) جَامُوسة مولودًا له رأسان وأربعة أيدي، وَسِلسلتي ظهر، وَدُبر واحدٍ، وفرج واحد، ورجلين اثنين في حقوها، فأقامتْ أَيَامًا وَمَاتَتْ.

وَذكرَ أيضًا في تاريخه (٨) أن في سنة ثلاث وعشرين (٩) في دولة المؤيد شيخ ولدت المصونة فاطمة بنت قاضي القضاة جلال الدين البلقيني ولدًا


(١) في جواهر السلوك ٣١٥: "الدين".
(٢) بحر الطويل.
(٣) في جواهر السلوك ٣١٥: "اطلت".
(٤) في بدائع الزهور ٢/ ٣٦: "خسة"؛ وفي جواهر السلوك ٣١٥: "حنتة".
(٥) بحر البسيط.
(٦) ورد الخبر في بدائع الزهور ٢/ ٣٠ - ٣١: في أحداث صفر سنة ٨٢٠ هـ؛ وعند ابن حجر الخبر في أحداث شهر محرم سنة ٨٢٠ هـ. (انظر: إنباء الغمر ٣/ ١٣٧).
(٧) في إنباء الغمر ٣/ ١٣٧: "ببلقس".
(٨) يقصد ابن حجر في كتابه إنباء الغمر.
(٩) الخبر في بدائع الزهور ٢/ ٣١: في أحداث سنة ٨٢٠ هـ؛ وعند ابن حجر في أحداث سنة ٨٢٥ هـ. (انظر: إنباء الغمر ٣/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>