للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خنثى له ذكر وفرج وله يدان زايدتان في كتفيه وله قرنان في رأسه مثل قرون الثور فأقام ساعة ومات.

وذكر أيضًا في تاريخه (١) من العجائب أن في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة (٢) في دولة المؤيد شيخ ذُبح جمل بمدينة غزّة في الليل، فأضاء لحمه كما يضيء الشمع في الليل، وقيل رُمي قطعة من لحمه لكلب، فلم يأكل منها شيئًا، ولا يُعلم سبب ذلك، وهذا من العجائب التي لم يسمع بمثلها.

ومن هنا نرجع إلى أخبار الملك المؤيد شيخ، وذلك أنه أقام في السلطنة بالديار المصرية في أرغد عيش، وكان يعتريه ضربان المفاصل، فقوي عليه الألم، وصار مقعدًا، وكان إذا أراد الحركة يُحمل على الأكتاف، ويُنقل من مكان إلى مكان، ثم إنه قوي عليه المرض، ولزم الفراش مدة طويلة، وسلسل في المرض إلى أن توفي في يوم الإثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن في جامعه الذي أنشأه داخل باب زويلة، وقيل مات وله من العمر نحو اثنتين وستين سنة (٣).

وخلف من الأولاد ثلاثة (٤)، وهم المظفر أحمد الذي تسلطن بعده، وبنتان وهما خوند عائشة زوجة الأتابكي قرقماس الشعباني، وخوند أسية زوجة الأمير يشبك الفقية الدوادار الكبير، وهي والدة سيدي يحيى ابن الأمير يشبك الفقية.

وكانت مدة سلطنة الملك المؤيد شيخ بالديار المصرية ثمان سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام.

وكان ملكًا جليلا، مهابًا، عارفًا بأحوال المملكة، ثابت العقل، مقدامًا، وله في الحرب مكائد وحيل، وثبات وقت الصدمة، وكان كريمًا على من يستحق الكرم، بخيلا على من يستحق البخل، وكان يضع الأشياء في محلها، وكانت دولته ثابتة القواعد.


(١) يقصد ابن حجر في كتابه إنباء الغمر.
(٢) الخبر في بدائع الزهور ٢/ ٤٢: أحداث سنة ٨٢١ هـ؛ وعند ابن حجر في أحداث ثالث رمضان لسنة ٨٢٣ هـ. (انظر: إنباء الغمر ٣/ ٢٢٤).
(٣) في بدائع الزهور ٢/ ٦٠: "خمس وستين سنة"؛ وفي جواهر السلوك ٣١٦: "إحدى وستين سنة".
(٤) في بدائع الزهور ذكر "صبي رضيع"؛ وبذلك يكون العدد أربعة. (انظر: بدائع الزهور ٢/ ٦٠).

<<  <   >  >>