للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك المؤيد شهاب الدين أبي الفتح أحمد ابن الملك الأشرف أينال العلائي (١)

وهو السابع والثلاثون من ملوك الترك وأولادهم، وهو الثالث عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بالديار المصرية؛ تسلطن بعد خلع أبيه من السلطنة في يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأول من سنة خمس وستين وثمانمائة؛ فتسلطن وله من العمر نحو أربعين سنة (٢)، وأمه خوند زينب بنت بن خاصكي، تسلطن وولده الملك الأشرف في قيد الحياة، فلبس خلعة السلطنة وهي جبة سوداء بطرز ذهب، وعمامه سوداء، وسيف بداوي مقلد به، فركب من الدهيشة، والمقر السيفي خشقدم أمير سلاح حامل القبة والطير على رأسه، حتى وصل إلى القصر الأبلق، فجلس على سرير الملك، وفيه يقول بعض الشعراء:

بمهجتي أفدى مليكًا غدًا … مؤيدًا النصر كالشمس

فلو تراه فوق كرسيه … لقلت هذا آية الكرسي (٣)

فلما جلس على كرسي المملكة باسوا له الأمراء الأرض، ودقت له الكوسات، ونودي باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء، وتلقب بالملك المؤيد.

فلما تم أمره في السلطنة، أخلع على المقر السيفي خشقدم أمير سلاح واستقر به أتابك العساكر عوضًا عن نفسه.

ثم أخذ في أسباب تدبير أمور مملكته ونفق على العسكر نفقة كاملة لمن له عادة من العسكر، وساس الناس في مدة سلطنته أحسن سياسة، وقمع مماليك أبيه الأجلاب عن أفعالهم القبيحة التي كانوا يفعلونها بالناس من الأذى، ففرح به الناس، وكثر الدعاء له بسبب ذلك.


(١) أخباره في بدائع الزهور ٢/ ٣٦٩ - ٣٧٧؛ وجواهر السلوك ٣٣٩ - ٣٤١.
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٣٧٠: "نحو من ثمان وثلاثين سنة، أو يزيد عن ذلك".
(٣) بحر السريع.

<<  <   >  >>