للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك الناصر أبي المحاسن حسن ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاون (١)

وهو التاسع عشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية؛ وهو السابع من أولاد الناصر محمد بن قلاون تولى الملك ولهُ من العمر ثلاث عشرة سنة، وكان مولده في سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

تسلطن بعد قتل المظفر حاجي، في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فأركبُوهُ مِنْ بَابِ الستارة إلى الأيوان، وهو بخلعة السلطنة، قيل: كان اسم السلطان حسن قماري، فلما أرادوا أن يُسلطئُوهُ، فَقَالَ للأمراء: "أنا ما اسمى إِلَّا حَسن"، فقال الأمراء: "على بركة الله"، فَلَمَا سلطئُوهُ دقت الكوسات، وَنُودي باسمه في القاهرة، وضج النَّاسُ لَهُ الدعاء.

فَلَمَا جَلسَ على سرير المُلك، وَتَم أمره في السلطنة، أخلع على الأمير بيبغا أُروس واستقر به نائب السلطنة بمصر عُوضًا عنْ أَرقطاي؛ وأخلع على أرقطاي واستقر نائب حلب؛ وأخلع على الأمير أرغون شاه واستقر به نائب الشام؛ وأخلع على الأمير منجك اليوسفي واستقر به وزيرًا وَأَستَادَرًا؛ وَأَخلَعَ على جماعة كثيرة مِنَ الأمراء، واستقر كلّ واحدٍ منهم في وظيفة من الوظائف، وَفَرَّقَ الإقطاعات على المماليك السلطانيّة، وأرضى سائر الرعيّة.

ثُم دخلت سنة تسع وأربعين وسبعمائة، فيها: ركب الأمراء وَنَزَلُوا إلى بحر النيل، وكان قد نشف مما يلي برّ، مصر، فأتفق رأي الأمراء عَلى أَنْ يَسُدُّوا البحر مما يلي برّ الجيزة، فرسم الأمراء للأمير منجك اليوسفي الوزير بأن يتولى أمر ذلك، فأرمى على كلِّ دُكان بمصر والقاهرة درهمين، وكتبوا مراسيم شريفة إلى الولاة والكشاف، بأن يأخذوا على كلّ نخلة في البلاد درهم، فجمع من ذلك أمْوَالًا عظيمة.


(١) أخباره في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥١٩ - ٥٣٨؛ جواهر السلوك ١٩١ - ١٩٣

<<  <   >  >>