للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك المظفر سيف الدين قطز المعزي (١)

وهو الثالث من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، تسلطن في يوم السبت سابع عشر ذي القعدة سنة سبع وخمسين وستمائة، فلما استقر أمره في السلطنة قبض على جماعة من خشداشينه من الأمراء والخدام وغيرهم، فتمت أموره ومشي حكمه فعند ذلك استقر بالأمير بيبرس البندقداري أتابك العساكر وفوض إليه أمور المملكة.

ثم جاءت الأخبار بأن عسكر هلاكوا وصلوا إلى دمشق وملكوها وذلك في أوائل سنة ثمان وخمسين وستمائة، ثم أرسل هلاكوا كتابا على يد أمير من يقال له كتبغا نويز (٢)، وصحبته أربعة من التتار، ومعهم كتاب مضمونه: "من ملك الملوك شرقا وغربا القان الأعظم"، وأغلظ عليهم في الكتاب بألفاظ يابسة وعبارة خشنة.

فلما سمع الملك المظفر مضمون ما في كتاب هلاكوا، فأحضر الأمراء واستشارهم فيما يكون من أمر هذه الحركة، ثم إنه أعرض العساكر وعزم على الخروج بنفسه وأمر بالمناداة في مصر والقاهرة بأن النفير عام إلى الغزاة في سبيل الله.

ثم إن السلطان أمر بجمع الأموال من أهل مصر بسبب هذه الحركة، فأخذ على كل رأس من الناس من الرجال والنساء من كل واحد دينار، وأخذ أجرة الأملاك والأوقاف شهرا واحدا، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة


(١) أخباره في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٠٣ - ٣٠٨، وجواهر السلوك ١١٤ - ١١٥.
(٢) هكذا في الأصل وبدائع الزهور ١/ ١/ ٣٠٤؛ وجاء في البداية والنهاية، ت: التركي، ١٧/ ٤٠١ والسلوك ١/ ٢/ ٤٢٤ والنجوم الزاهرة ٧/ ٧٨: "كتبغا نوين"؛ ومعناه: أمير عشرة آلاف، وكل اسم من أسماء ملوكهم في آخره نوين معناه: رأس عشرة آلاف. (صبح الأعشى، القلقشندي، ٤/ ٤٢٣).

<<  <   >  >>