للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنا الخاصكي وشيخ المؤيد نظم شعري جواهر وعقود (١)

وَكَانَ مُعظمًا للعلماء والفقهاء، والصلحاء، وهو الذي أنشأ الجامع المؤيدى الذي هو داخل باب زويلة، وكان بناؤه في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة (٢)، وكان هذا المكان قديمًا سجنا يحبسون فيه أصحاب الجرائم، وكان يُسمى خزانة شمايل، وقد نُسبت إلى شخص يُسمى شمايل، وكان والي القاهرة في أيام الملك الكامل محمد من بني أيوب، وهو صاحب المدرسة الكاملية، وكان الملك المؤيد شيخ حبس في خزانة شمايل في دولة الملك الناصر فرج، فنذر على نفسه إن تخلص من هذه الشدّة وبقي سُلطانًا فيهدم ذلك المكان، ويبني مكانه جامعًا، فلما بقى سُلطان فعل ذلك، وبني هذا الجامع، وقد تنَاهَا في زخرفه ورُخَامه وأبوابه وسُقوفه، حتى قيل: مَا بُني في القاهرة مثله، ومثل مدرسة السلطان حسن في الإمكان.

وَأَوْقف على هذا الجامع أوقافًا عظيمة، وأودع فيه أشياء كثيرة من الكتب النفيسة، وقرَّرَ فِيهِ صَوَفه وحضور من بعد العصر، ورتب لهم خبز وجوامك (٣) في كل شهر، ثم قرّر الشيخ ناصر الدين الديري الحنفي شيخ الحضور ومدرس في العلم الشريف.

فقيل: أنه أول ما حضر في الجامع بعد أن كمل، فاجتمعت هناك العُلماء والفقهاء والسلطان الملك المؤيد شيخ، فخرج الشيخ ناصر الدين الديري من الخلوة والمقر الصارمي إبراهيم وَلدَ السُلطان الملك المؤيد حَامِل سجادة الشيخ ناصر الدين الديري ففرشها له في المحراب.

وَقِيلَ: لما كملت عمارة الجامع فرسم السلطان بأن تُملأ الفسقية التي في صَحْنِ الجامع سكرًا وَمَاء ليمون، فمليئت سُكرًا وَوَقف الرؤوس نُوب يُفرقون السُكر على الناسِ بالطاسَاتِ، وَاخلَعَ السُلطان في ذلك اليوم على جماعة كثيرة مِنَ المُشيدين (٤) [١٨٧/ ١] وَالمُهندسين.


(١) بحر الخفيف.
(٢) في بدائع الزهور أن بناء المسجد كمل في سنة ٨٢٠ هـ. (انظر: بدائع الزهور ٢/ ٣٥).
(٣) مفردها جامك وجومك وهو المقرر الخاص بموظفي الدولة والجيش (راجع: فرهنك عمد ١/ ٦٧٠).
(٤) في الأصل " المُشَدِّين ".

<<  <   >  >>