للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور قلاون الصالحي (١)

وهو الثامن من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية؛ أستقل بالمملكة بعد موت أبيه الملك المنصور قلاون، وذلك في يوم الأحد سادس ذي القعدة من سنة تسع وثمانين وستمائة، وكان مولده في سنة ست وستين وستمائة على ما ذكر.

فلما تسلطن استحلف له سائر الأمراء، ثم ركب بشعار السلطنة من قلعة الجبل إلى الميدان الذي تحت القلعة، وأخلع هناك على الأمراء وأعيان الدولة، وسبب نزوله إلى الميدان فإن الأمراء تخيلوا من طلوعهم إلى القلعة (٢)، فنزل السلطان إلى الميدان، وأخلع عليهم هناك، ثم أخلع على الأمير علم الدين سنجر الشجاعي واستقر به وزيرًا، وانفض الموكب على ذلك.

فلما كان يوم السبت ثالث عشر ذي القعدة قبض السلطان على الأمير طرنطاي النائب، وكان بينه وبين الأشرف خليل حظ نفس من أيام والده، وكان الشجاعي يكره الأمير طرنطاي أيضا؛ فحسن للسلطان القبض عليه، فاستدعاه وقت الظهر فطلع إلى القلعة، فلما مثل بين يدي السلطان أمر بالقبض عليه، فحمل إلى الاعتقال وهو على أسوء حال، كما قال القائل في المعني:

أحذر من الناس ولا … في معرك الشد تجل (٣)

في قلب ليث بتْ وخف … أن بت في قلب رجل (٤)

ثم إن الأشرف خليل أمر بقتل الأمير طرنطاي النائب، فقتل وهو في السجن، وذلك في ثامن عشر ذي القعدة من السنة المذكورة، فأقام ثلاثة أيام لم


(١) أخباره في: بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٦٥ - ٣٧٨؛ جواهر السلوك ١٣٤ - ١٤٠.
(٢) ورد في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٦٥: سبب عدم طلوع الأمراء "خشية أن يقبض عليهم".
(٣) "في معرض الشك بحل" في السحر الحلال في الحكم والأمثال ص ٩٧.
(٤) بحر مجزوء الرجز.

<<  <   >  >>