للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك الظاهر أبي سعيد تمربغا الظاهري (١)

وهو الأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثاني من الأروام (٢).

وكان أصلهُ رومي الجنس من مشتراوات الملك الظاهر جقمق، وربّاه صغيرًا، فلما تسلطن جقمق جعلهُ خاصكي، ثم بقى سلحدارًا، ثم بقى خازندارًا، ثم بقى أمير أربعين دوادار ثاني في دولة الظاهر جقمق، ثم بقى مقدم ألف دوادار كبير في دولة الملك المنصور عثمان بن الظاهر جقمق، ثم سجن بثغر الإسكندرية لما خُلع الملك المنصور من السلطنة [١/ ٢١٩]، فأقام في السجن نحو ست سنين، ثم أفرج عنه في دولة الأشرف أينال، وتوجه إلى مكة، فأقام بها نحو ثلاث سنين إلى أن قدم إلى الديار المصرية في أول دولة الملك الظاهر خشقدم، فأخلع عليه واستقر به رأس نوبة النوب، ثم حُبس ثانيًا في دولة الزاهر خشقدم فلم يقم بالإسكندرية سوى ثلاثة أيام، وقد تقدم ذكر ذلك، ثم رجع إلى القاهرة، وأقام بها مدّة، ثم بقى أمير مجلس في أخر دولة الملك الظاهر خشقدم لما بقى قائم التاجر أميرًا كبيرًا، ثم بقى أتابك العساكر في دولة الظاهر يلباي.

فلما خلع الظاهر يلباي من السلطنة تسلطن عُوضه، وذلك في يوم السبت سابع جمادى الأول سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فلبس خلعة السلطنة من الحراقة التي في الأسطبل السلطاني، وركب والخليفة قدامه، والأمراء مشاة بين يديه، وحمل القبة والطير على رأسه المقر السيفي قايتباي المحمودي رأس نوبة النوب، فطلع من باب سر القصر، وجلس على سرير الملك وباسُوا له الأرض، ونُودي باسمه في القاهرة، وضج له الناس بالدعاء، وتلقب بالملك الظاهر،


(١) أخباره في بدائع الزهور ٢/ ٤٦٧ - ٤٧٦؛ جواهر السلوك ٣٥٠ - ٣٥٢.
(٢) يقصد "الروم". (انظر بدائع الزهور ٢/ ٤٦٧).

<<  <   >  >>