للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبِّ يَسِرٌ وَأَعِنْ

الجزء الثاني: في ابتدأ دَولة الأتراك، وذلكَ عَلَى سَبِيلِ الاختِصَارِ.

منها قيل: لما أنْ قُتل الملك المعظم توران شاه وَهوَ أخرُ مَنْ تَولى مِنْ بني أَيُوب، وقد تقدم ذلك في الجزء الأول، فتعصبوا المماليك الصالحية وَقَالُوا: "ما نُسلطن إلا زوجة أُستَاذِنَا (١) الملك الصالح نجم الدين أيوب" وهي شجر الدر (٢)، فسلطنوها في أوائل شهر صفر سنة ثمان وأربعين وستمائة.

وَكَانَ أصلها من جواري الملك الصالح نجم الدين أيوب اشترَاهَا فِي أَيَامِ أَبِيهِ الملك الكامل محمد، فحظيت عنده واستولدها ابنه خليل ثم أعتقها وتزوج بها، وكانتْ مَعهُ في البلاد الشاميّة مدّة طويلة، ثم قدمت معه إلى الديار المصرية.

فلما تسلطن الملك الصالح عُظمت شجر الدر في دولة أُستاذها الملك الصالح، وَصَارَتْ تُدَبّر أُمور المملكة بالديار المصرية في حياةِ أُسْتَاذِهَا الملك الصالح.

وكانتْ ذات عقل وحزمٍ، ومعرفة تامة بأحوال المملكة؛ فسلطنُوهَا لِحُسْنِ سِيرَتهَا وَجُودة تدبيرهَا، وَجَعَلُوا الأمير عز الدين أيبك التركماني أتابك العساكر وَمُشاركها في أحوال المملكة، وَصَارَ يُخطب باسم شجر الدر على منابر مصر وأعمالها.

وكانت الخُطباء تَقُولُ بَعدَ الدُعَاء للخليفة "وَأحفظ اللهم الجهة الصالحية، ملكة المسلمين، عِصْمة الدنيا وَالدّين، والدة المرحوم خليل، زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب".


(١) في الأصل "استادنا"، وهو صورة من صور الرسم الإملائي في عصر المؤلف حيث يتم كتابة حرف "ذ" بحرف "د"، وقد وضعت قائمة بتلك الكلمات حتى لا نثقل الهوامش بالتصحيحات.
(٢) يقال: شجرة وشجر. وأخبارها في بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٨٦ - ٢٨٧؛ جواهر السلوك ١٠٨ - ١٠٩.

<<  <   >  >>