قاصد إلى نحو الديار المصرية، فأمر الأمير بطا بأن تزين القاهرة لقدوم السلطان الملك الظاهر برقوق، فزينت ودقت البشائر.
ثم إن الامير بطا أرسل بالإفراج عن الأمراء الذين كانوا في ثغر دمياط، فحضروا إلى القاهرة قبل قدوم السلطان، وهُم الأمير شيخ الصفوي، والأمير قنق باي السيفي ألجاي، والأمير مقبل الرومي، والأمير الطنبغا العثماني، والأمير عبدون العلائي، وغير ذلك من الأمراء الذين هم من عصبة الظاهر برقوق، فأحضروا إلى القاهرة، كما قيل:"مصائب قوم عند قوم فوائد".
ثم إن الأمير بطا قبض على الأمير حسام الدين ابن الكوراني والي القاهرة، وسجنه ثم ضربه مُقترح، ثُم عصره في ركبه، واستقر بالصارمي والي القاهرة عوضه.
ولما كان يوم الخميس تاسع صفر، حضر الأمير سُودُون الطيار أمير أخور، وعلى يده مثالات شريفة إلى سائر الأمراء، يُخصَّهُم فيها بالسلام، وبشر بأن السلطان وصل إلى الصالحية، فخرج أكثر الناس إلى ملتقاه.
فلما كان يوم الثلاثاء وصل السلطان إلى بركة الحاج، فخرج إليه الناس قاطبة، من الأمراء والقضاة والفقهاء والعلماء وسائر الجند والعوام، حتى طائفة الصيادين بصنانيرهم، حتى طائفة الحبوش ومعهم صنجق وطبل وهم يرقصون، وخرج إليه طائفة اليهود والنصارى وفي أيدهم (١) الشموع.
وكان من جملة سعد الملك الظاهر برقوق أنه من حين خُلع من السلطنة إلى حين عوده إليه، لم يجلس أحدٌ على تخت المملكة إلى حين عوده إليه.
وكانت سلطنة الملك المنصور أمير حاج عبارة عن نيابة عن الظاهر برقوق وكان الأمر كله بيد الأتابكي منطاش يتصرف في أمور المملكة بحسبما يختار من ذلك.
ومن جملة سعد الملك الظاهر برقوق أنه من حين خرج من الكرك، وتوجه إلى نحو الشام، وخرج إليه الملك المنصور، كما تقدم ذكر ذلك، أخذت له القلعة والقاهرة، ومسكوا الأمراء وسُجنوا، وذلك قبل وصوله إلى الديار المصرية، ودخل إليها من غير قتال ولا حرب ولا تعب، وقد تقدم ما فعله
(١) كذا في الأصل، الصحيح "أيديهم" وقد أوردها بعد قليل.