للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطلوبغا وغير ذلك من الأمراء، طلعوا صحبة المقر السيفي سودون النائب إلى الأسطبل السلطاني، فقيدهم الأمير بطا، ثم سجنهم بالقلعة.

وكان الأمير بطا من مماليك الظاهر برقوق، وكان يومئذ أمير عشرة، فأعطاه الله تعالى هذا السعد الخارق، حتى جرى منه ما جرى، وكل ذلك من جملة سعد الملك الظاهر برقوق، كما قيل في المعني:

ملك به أخضر الزمان كأنما … أيام دولته ربيع ثاني (١)

فلما كان يوم السبت ثاني (٢) شهر صفر حضر الأمير جلبان العيسوي الخاصكي ومعه الأمير عيسى شيخ العرب، وأخبروا بأن الملك الظاهر برقوق انتصر على الملك المنصور، وقد وصل إلى غزة، فأمر الأمير بطا بدق البشائر، وزينت القاهرة، ثم إن الأمير بطا كتب مراسيم إلى الولاة بأعمال الثغور، مثل: الإسكندرية، ودمياط، والوجه القبلى، ثم إن الأمير بطا طلب الأمير حسين بن الكوراني والي القاهرة، أخلع عليه واستقر به والي القاهرة على عادته، وقال له: "أحضر لنا مماليك منطاش، كما كنت تحضر مماليك الظاهر برقوق".

ثم في يوم الأحد حضر هجان، وعلى يده مثال شريف، متوج بخط الملك الظاهر برقوق، مضمونة أن الأمير بطا يجهز الإقامات إلى قطيا.

ثم إن شيخ العرب زيد بن عيسى العايدي (٣) حضر إلى القاهرة، وذكر أخبار الملك الظاهر برقوق وأخبار الملك المنصور أمير حاج مُفصلة، وهو أن الملك المنصور لما وصل إلى شقحب (٤)، تلاقا هو والملك الظاهر برقوق هناك، فحصل بينهما وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها، وذلك في يوم الأحد رابع عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وأن الملك المنصور والأتابكي منطاش ومن معهم من العسكر كسروا الملك الظاهر برقوق أولا كسرة قوية، ثم إن الملك الظاهر برقوق ردَّ على عسكر الملك المنصور فكسره كسرة قوية، وكان


(١) بحر الكامل؛ لم يرد البيت في بدائع الزهور؛ البيت لابن النبيه المصري. (انظر: قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان، ٣/ ٢٢٧، ٢٣٥).
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٤٢٧: "أواخر صفر".
(٣) في جواهر السلوك ٢٥٣: "يزيد بن يسى العابدي".
(٤) قرية في الشمال الغربي من جبل غباغب من ضواحي دمشق (انظر: النجوم الزاهرة ٨/ ١٥٩ هامش ٣).

<<  <   >  >>