للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شمايل، فأخرجوا من كان بها من المماليك المسجونين من المماليك الظاهرية وغيرهم.

ثم إن الأمير صراي تمر نائب الغيبة والأمير قُطلوبغا الحاجب وكبا، ولبسا آلة الحرب، ووقفا في سوق الخيل، فنزل إليها الأمير بطا ومعه من المماليك الظاهرية، فاتقعوا معهما وقعة عظيمة، فانكسر الأمير صراي تمر والأمير قُطلوبغا الحاجب وهربا إلى مدرسة السلطان حسن وتحصنا بها.

ثم إن المماليك الظاهرية نزلوا إلى بيت قُطلوبغا الحاجب فنهبُوهُ، ثُم إنهم أرادوا أن يحرقوا باب مدرسة السلطان حسن، فطلب الأمراء الذي (١) بها الأمان؛ ثم إن المماليك الظاهرية ملكوا باب السلسلة والطبلخاناة السلطانية وسوق الخيل.

ومن غرائب صنع الله أن مصر والقاهرة كانت في هذه الأيام سائبة بلا سلطان، ولا قاض، ولا خليفة، ولا حاكم بين الناس، ومع هذا لم يُعدم لأحد من الناس ما قيمته الدرهم الفرد، وكانت الزعر ما يجه في المدينة، ولم يتعرضوا لأحد بسوء، ولا نهب لأحد شيء، كما قيل:

لم لا نرجى الفضل من ربنا … أم كيف لا نطمع في حلمه

وفي الصحيحين أتى أنه … بعبده أرحم (٢) من أمه (٣)

ثم إن بطا (٤) أخلع على الناصري محمد بن العادلي واستقر به والي القاهرة، واختفى الأمير حسين بن الكوراني الذي كان والي القاهرة، ثم إن ابن العادلي نادى في القاهرة بالأمان والاطمان، والبيع والشري، والدعاء للسلطان الملك الظاهر برقوق، فضج الناس له بالدعاء، وكل ذلك ولم يجي من عند الظاهر برقوق خبر.

ثم إن المقر السيفي سُودُون الفخري نائب السلطنة ركب بنفسه وشق القاهرة، والمشاعلية قدامه تنادى بالأمان والاطمان، وكان ذلك يوم الجمعة، فنادى بأن يُخطب باسم الملك الظاهر برقوق، ثم إن الأمير صراي تمر والأمير


(١) كذا في الأصل، والصواب "الذين".
(٢) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٤٢٦: "أشفق".
(٣) بحر السريع.
(٤) في الأصل "بوطا"، والتصحيح مما أورده ابن إياس قبل قليل.

<<  <   >  >>