للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى القاهرة، فدقت البشائر لذلك ثلاثة أيام، وكل هذه الأخبار كذب مصنوعة ليس لها صحة، وإنما هذه حيل من الأتابكي منطاش لتطمين خواطر العسكر.

ولما كان يوم الأحد سابع عشر ذي الحجة من سنة إحدى وتسعين، برز خام السلطان الملك المنصور إلى الريدانية، وكذلك خام الأمراء من الأكابر والأصاغر، ثم إن الأتابكي منطاش رسم بأن يؤخذ من مباشرين الدواوين السلطانية خمسمائة فرس، فقعد الوزير وناظر الدولة ووزعوا على مباشرين الدواوين ذلك الخيول المطلوبة منهم بكمالها، ثم رسم بأن يؤخذ من أجناد الحلقة من كل واحد منهم فرس أو ثمنها، وأبطلهم من التجريدة، ثم رسم بأن يؤخذ من الحجاب المقيمين بالقاهرة من كل واحد منهم خمسين ألف (١) درهم، ثم تقرر الحال على أن كل واحد منهم يُوزن أربعة عشر ألف درهم، فوزنوا ذلك.

ولما كان يوم الإثنين سابع عشر ذي الحجة خرج السلطان الملك المنصور أمير حاج، فنزل من القلعة في موكب عظيم، وصحبته أمير المؤمنين المتوكل على الله محمد، والقضاة الأربعة، وسائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، فتوجه السلطان ومن معه ونزلوا بالريدانية.

ثم إن السلطان ترك بالقاهرة من يُذكر من الأمراء، وهم: المقر السيفي سُودُون الفخري نائب السلطنة، ورسم له بأن يُقيم بالقلعة إلى أن يعود السلطان؛ وترك بالقاهرة المقر السيفي تكا الأشرفي، وجعله نائب الغيبة، والأمير صراي تمر؛ والأمير قُطلوبغا السيفي تمرباي حاجب ثاني؛ وجماعة من الرؤوس النوب والحجاب، وجماعة من المماليك السلطانية، فتوزعوا في أبراج القلعة.

ثم رحل السلطان من الريدانية، فلما وصل إلى العكرشا تقنطر عن فرسه، وقام سالما، فتفاءل الناس له بقلة النصر، وكان الأمر كذلك، ثم بعد أيام جاءت الأخبار بأن جماعة من مماليك الأتابكي منطاش هربوا إلى عند الظاهر برقوق، هذا ما كان من أمر الملك المنصور أمير حاج.

وأما ما كان من أمر المقر السيفي صراي تمر نائب الغيبة، فأنه لما رحل السلطان من سرياقوس جار على الناس المقيمين بالقاهرة، ورسم بسد أبواب


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٤٢١: فقط "خمسين دينارًا" وهذا هو الصحيح، وأظن أن كلمة ألف كتبت بالخطأ.

<<  <   >  >>