يطلع إلى القلعة، فمنع من ذلك، واستولى أينال اليوسفي على جميع حواصل قطلو بك، ثم أرموا على قطلو بك بالنشاب، فولى هاربًا.
ثم جاءت الأخبار إلى القاهرة بأن نائب حماه، وقطلو بك نائب صفد، وجماعة من عسكر دمشق، ومن أمرائها، قد وصلوا إلى قطيا، فرحلوا إلى القاهرة في يوم الأحد خامس عشرين شوال.
فلما جرى ذلك أمر منطاش بأن يُعقد مجلسًا في القصر، وأرسل خلف أمير المؤمنين والقضاة الأربعة، فلما تكامل المجلس، قام القاضي كاتب السر وأعرض على أمير المؤمنين والقضاة، صفة سؤال وهو:"ما تقول السادة العلماء في رجلٍ خلع الخليفة وسجنه وقيده من غير موجب لذلك، وقتل رجلًا شريفًا في الشهر الحرام في البلد الحرام، واستحل أخذ الأموال من الناس، بغير حق، واستعان بالكفار على قتال المسلمين"، وكتبوا من هذا السؤال عدة نسخ.
فأول من كتب على ذلك شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، ثم القضاة الأربعة وأعيان العلماء، وأرسلوا هذه الفتاوى، وعليهم خطوط العلماء إلى سائر الثغور، حتى يعلموا بأن برقوق خارجي، وقد وجب قتاله كما أفتت العلماء بذلك.
ثم جاءت الأخبار من دمشق بأن الظاهر برقوق بعد أن دخل إلى دمشق وملكها، ونزل بالميدان الكبير، كبسوا عليه أهل دمشق، وأخرجوه من الميدان هاربًا.
وكان سبب هذه الواقعة أن الظاهر برقوق لما كسر عسكر دمشق، أقام على قبة يلبغا التي هي خارج دمشق، فحضر إلى عنده المقر السيفي كمشبغا الحموي نائب حلب، فوجد الظاهر برقوق في خيمة صغيرة خلقة، فأحضر له كمشبغا الحموي مدوّرة عظيمة، وأحضر له بيوتات مثل طشتخاناة وفرشخاناة وشربخاناة، وغير ذلك من قماش وأوان وفرش، حتى أحضر له الخليلية (١) لأجل النوبة، وصار الظاهر برقوق سلطانًا كما كان أولا، وقد قال القائل في المعنى: