للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بروحي من أبكى السَّمَاءِ لفَقْدِهِ (١) … بغيثِ ظَنّنَاهُ نَوال يمينه

وَمَا اسْتَعْبَرَتْ إلا أسى وتأسفا … وإلا فماذا القطرُ في غير حينه! (٢)

وَقَالَ بعضهُمْ أيضًا يرثيه:

لما أقلتَ عن المنازل أظلمت … تلك البقاع (٣) وَغَابَ عَنهَا المُشفق

وَتَقُولُ مصر لبعد (٤) شيخوا شقني … أَرَقٌ على أَرَقٍ ومثلي بارق (٥)

وَكَانَ شِيخُوا أَمِيرًا دينًا خيّرًا، كثير البرّ والصدقات، قليل الأذى.

ثُم دخلت سنة تسع وخمسين وسبعمائة، فيها: تزايدت عظمة الأمير صرغتمش بعد الأمير شيخُوا واستقر كما كانَ شيخُوا، وَصَارَ صاحب الحلّ والعقد بالديار المصرية، فأرسل قبض على الأمير طاز نايب حلب، وسجنه بثغر الإسكندرية.

فأنهُ كَانَ بينه وبين الأمير صرغتمش حظ نفس قديم من أيام شيخُوا، وَكَانَ شيخُوا يدخل بينهما الصلح في كلِّ وَقتٍ، ثُمَّ يَعُودَا إلى مَا كَانَا عليه مِنْ حَظُوظ النفوس، فلما سُجن الأمير طاز، تولي بعده الأمير منجك اليوسفي نايب حلب.

وفيها: ضربت الفلوس الجُدد كل فلس بدرهم وبدرهمين، وكل فلس زنته مثقال، وذلك بإشارة المقر السيفي صرغتمش الناصري رأس نوبة النوب، فثقل أمر ذلك على الناس، وتضررتْ منه السوقة.

ثم إن الأمير صرغتمش لما تضاعفت حُرمته، وانفرد بأمور المملكة، وَصَارَ معهُ عُصِبَةٌ مِنَ الأمْرَاءِ، فثقل أمره على الملك الناصر حسن، فبادر إليه وقبض عليه، وعلى جماعةٍ من الأمراء ممن كانَ من عُصبته (٦)، فكان كما قيل في الأمثال:


(١) هكذا ورد في المصادر: "بنفسي مَنْ أبكى السَّمواتِ فَقْدُهُ".
(٢) بحر الطويل؛ البيتان للحسن بن علي بن الزبير. (انظر في: "الخريدة" قسم شعراء مصر: ١/ ٢٢٢. معجم الأدباء: ٢/ ٩٤٧. و"فوات الوفيات": ١/ ٣٣٨. الوافي بالوفيات ١٢/ ٨٣. مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (٢٠/ ٣٧٧).
(٣) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦٣: "الديار".
(٤) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦٣: "لفقد".
(٥) بحر الكامل؛ في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦٣: البيتان للصفدي.
(٦) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٧٠ - ٥٧١: الخبر في أحداث سنة ٧٦١ هـ.

<<  <   >  >>