للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربَّما فَاتَ بَعضَ النَّاسِ حَاجَتُهُم (١) … مَعَ التَّواني (٢) وَكَانَ الحَزمُ لَو عُجِّلُوا (٣)

فلما كانَ يوم الإثنين في العشرين من شهر رمضان (٤) من السنة المذكورة قبض السلطان على الأمير صرغتمش الناصري، وهو في الموكب بالقلعة.

فلما سمعوا مماليكه بذلك ركبوا وطلعوا إلى الرملة، وَوَقَفُوا تحت القلعة، وكانوا ثمانمائة مملوك، فعند ذلك ركبوا المماليك السلطانية وبقية الأمراء، واتقعوا مع مماليك صرغتمش من باكر النهار إلى قريب المصر، فانكسروا مماليك صرغتمش وهربوا.

فعند ذلك نهبوا العوام والزعر بيت صرغتمش، ودكالين الصليبة، وَصَارُوا يمسكون جماعة من الأَعجام مِنْ صُوفية الخانقاة الصرغتمشية، وكل من رأوه من حاشية صُرغتمش يمسكُوهُ، واستمر الأمر على ذلك إلى آخر النهار.

فَلَمَّا كَانَ يَوم الثلاثاء حادي عشرين رمضان، رسم السلطان بتقييد الأمير صرغتمش، وأرسلوه إلى السجن بثغر الإسكندرية، ومعه جماعة من الأمراء ممن كانُوا من عُصبتهِ، وَهُمْ: الأمير طشتمر القاسمي حاجب الحجاب، والأمير طقبُغَا صاووق، والأمير جركس الرَسُولي، وغيرهم من الأمراء.

وَفِيهَا: توفي الأمير تنكربُغَا المارديني وهو صهر السلطان الملك الناصر حسن، فَلَمَّا مَاتَ أَنعم السلطان على مملوكهِ يَلبُغَا العُمري الناصري الخاصكي بتقدمة ألف، وهو إقطاع تنكربُغَا المارديني، ثُم أخلع عليه، وجعله أمير مجلس، وهذا أول عظمة يَلبُغَا (٥).

ولما نفي السلطان الأمير صرغتمش إلى ثغر الإسكندرية، ومن معه من الأمراء، فأَقَامَ الأمير صرغتمش في السجن إلى أوائل ذي الحجة، فأشاعُوا في القاهرة موته بأنهم دخلوا عليه فوجدوه ميتًا، فكانَ مُدّة اعتقاله شهرين واثني عشر يومًا (٦)؛ وَكَانَ أميرًا عظيمًا مُهَابًا مَليًا، وَلَهُ بِرٌ ومعرُوفٌ وَآثَارٌ، وغير ذلك.


(١) في خزانة الأدب ١/ ٣٥٧ والسحر الحلال في الحكم والأمثال ص ٩٦: "أمرهم".
(٢) في خزانة الأدب ١/ ٣٥٧ والسحر الحلال في الحكم والأمثال ص ٩٦: "التأني".
(٣) بحر البسيط.
(٤) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٧٠: "٢١ رمضان".
(٥) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٦٨: الخبر في أحداث سنة ٧٦٠ هـ.
(٦) ورد الخبر مختصرًا في بدائع الزهور. (انظر: بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٧١).

<<  <   >  >>