للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما لا ينفع مع الكفر طاعةٌ، ولهذا قال إبراهيم النخعي: «لَفتنة المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة» (١) يعني: الخوارج.

والمرجئةُ طوائفُ كثيرةٌ (٢):

الطائفةُ الأولى: مرجئةُ الفقهاء، الذين يُخرجون الأعمالَ عن مُسمَّى الإيمان، مع إيجابهم الواجبات، وتحريمهم المحرَّمات، فهؤلاء مرجئةُ الفقهاء؛ مثلُ: أبي حنيفة، ومَن قال بقوله.

الطائفةُ الثانيةُ: مرجئةُ الجهميةِ، وقد تقدَّم أنَّ جهمًا ينتحلُ ثلاثَ بدعٍ شنعاء (٣): الجبرُ، والإرجاءُ، والتعطيلُ، وهو بالبدعةِ الأخيرةِ أشهرُ، فهو إمامُها، الناشرُ لها.

وفرعٌ عن كلامه في الإرجاء كلامُه فيما يتعلَّق بمسمَّى الإيمان، والنَّاسُ لهم في مسمَّى الإيمان مذاهب: فعند جهمٍ أنَّ الإيمانَ هو المعرفة، فمعرفةُ الإنسان للخالق واعترافُه بوجود اللهِ هو الإيمانُ عنده، ولا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ، وهذا من أعجب العجب! فهو يزعم أنَّ المرءَ ولو تكلَّمَ بالكفر فإنَّه مؤمنٌ، ما دام يعرف ربَّه بقلبه، ويزعم أنَّ مَنْ كفَّره اللهُ من الأمم فتكفيرُه لهم دليلٌ على أنَّهم غيرُ مؤمنين في الباطن وغيرُ عارفين لربهم، ومقتضى هذا القول أنَّ سائرَ الأممِ أعداء الرسل مؤمنون


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٨/ ٣٩٢)، وعبد الله بن أحمد في السنة (٦١٧) واللفظ له.
(٢) ينظر: مقالات الإسلاميين (١/ ١١٤)، والايمان لابن تيمية (ص ١٥٥ - ١٥٦).
(٣) تنظر: (ص ١٢١).

<<  <   >  >>