قال الناظمُ:(وليس بمولودٍ): أي: ليس اللهُ مولودًا، وهذه الباءُ عند النحويين زائدةٌ، فليس شأنُ اللهِ شأنَ المتولدات، فالمولودُ محدَثٌ بعد أن لم يكن، مسبوق بغيره، واللهُ تعالى لا أوَّل له، فهو الأوَّلُ الذي ليس قبله شيءٌ.
(وليس بوالدٍ): فالولدُ جزءٌ من والده، وهو صِنْوُ أبيه، واللهُ تعالى أحدٌ صمدٌ، ليس له نظيرٌ ولا شريكٌ، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: ١٧١].
قوله:(وليس له شِبْهٌ): ولو قال: «وليس له كفؤٌ»؛ كان أولى؛ ليطابقَ لفظ القرآن في قوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)﴾، أو قال:«وليس له مِثْلٌ»؛ ليطابق قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، لكنَّ الشبهَ والمثلَ والكفؤَ والند والسَّمي كلماتٌ متقاربةٌ.
وقوله:(تعالى): أي ارتفعَ وجلَّ عن أن يكون له والدٌ أو ولدٌ أو شبهٌ، فتعالى اللهُ عمَّا نفى من المعايب في حقِّه، بل تعالى اللهُ عن كلِّ ما لا يليق به، وكلمةُ (تعالى) تُستعملُ في التنزيه ك (سبحان).
وقوله:(المسبَّحُ): أي المنزَّه عن كلِّ نقصٍ، فجمع له بين التنزيهِ عن النقص مع إثبات علوِّ الشأن والقدرِ المتضمنِ للتنزيه وإثباتِ الكمال، كما جمع اللهُ بينهما لنفسه، قال الله ﷿: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)﴾ [القصص]، وقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠)﴾ [الأنعام].
ولقائلٍ أن يقول: لماذا أتى النَّاظمُ بهذا البيت وأقحمه في وسط الأبياتِ التي يُقرِّرُ فيها مسألةَ الرؤيةِ؟